حجة أو إجماعا، وهل يفرق في كونه حجة وإجماعا بين أن يكون ذلك القول مجرد فتوى، أو حكما من إمام أو قاض؟ فيه طرق قال ابن أبي هريرة: فإن كان فتوى، فحجة، وإن كان حكما، فلا، لأن الاعتراض على الامام ليس من الأدب، ولعل السكوت لذلك. وقال أبو إسحاق عكسه، لأن الحكم يصدر عن مشاورة ومراجعة، وقال الأكثرون: لا فرق، وكانوا يعترضون على الامام كغيره، فقد خالفوا أبا بكر رضي الله عنه في الحد، وعمر رضي الله عنه في المشركة. ومختصر هذا الاختلاف أوجه، الصحيح أنه حجة، والثاني حجة وإجماع، والثالث ليس بحجة، والرابع من المفتي حجة، ومن الحاكم لا، الخامس عكسه هذا إذا نقل السكوت، أما إذا لم ينقل قول ولا سكوت، فيجوز أن لا يلحق بهذا، ويجوز أن يستدل به على السكوت.
قلت: المختار أن عدم النقل كنقل السكوت، لأنه الأصل والظاهر. والله أعلم.
القاعدة الثانية: اختلفت عبارات الأصحاب في تفسير القياس، والأقرب إلى كلام الشافعي رحمه الله أن القياس نوعان جلي وغيره، وأما الجلي، فهو الذي يعرف به موافقة الفرع للأصل بحيث ينتفي احتمال مفارقتهما، أو يبعد، وذلك كظهور التحاق الضرب بالتأفيف في قوله تعالى: * (فلا تقل لهما أف) * وما فوق الذرة بالذرة في قوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة) * الآية، وما فوق النقير بالنقير في قوله تعالى: * (ولا يظلمون نقيرا) * ونظائره، فإن فروع هذه الأحكام أولى من الأصول، وبعض الأصحاب لا يسمي هذا قياسا، ويقول: هذه الالحاقات