إسحاق في اللمع قال ابن أبي هريرة: يأثم، والصواب الأول، وفيما يؤجر عليه وجهان عن أبي إسحاق أحدهما - وهو ظاهر النص، واختيار المزني -: يؤجر على قصده الصواب، ولا يؤجر على الاجتهاد، لأنه أفضى به إلى الخطأ، وكأنه لم يسلك الطريق المأمور به، والثاني يؤجر عليه، وعلى الاجتهاد جميعا. وإذا قلنا:
كل مجتهد مصيب، فهل نقول: الحكم والحق في حق كل واحد من المجتهدين ما ظنه، أم الحق واحد، وهو أشبه مطلوب إلا أن كلا منهم مكلف بما ظنه لا بإصابة الأشبه؟ وجهان، اختار الغزالي الأول، وبالثاني قطع أصحابنا العراقيون، وحكوه عن القاضي أبي حامد والداركي.
فرع متى حكم القاضي بالاجتهاد، ثم بان له الخطأ في حكمه، فله حالان، أحدهما: إن تبين أنه خالف قطعيا كنص كتاب، أو سنة متواترة، أو إجماع، أو ظنا محكما بخبر الواحد، أو بالقياس الجلي، فيلزمه نقض حكمه.
وهل يلزم القاضي تعريف الخصمين صورة الحال ليترافعا إليه، فينقض الحكم؟
وجهان، قال ابن سريج: لا يلزمه إن علما أنه بان له الخطأ، فإن ترافعا إليه، نقض، وقال سائر الأصحاب: يلزمه وإن علما أنه بان له الخطأ، وهذا هو الصحيح، لأنهما قد يتوهمان أنه لا ينقض وإن بان الخطأ. هذا في حقوق الآدميين، وأما ما يتعلق بحدود الله تعالى، فيبادر إلى تداركه إذا بان له الخطأ، وما لا يمكن تداركه سبق حكم ضمانه.
الحال الثاني: إن تبين له بقياس خفي رآه أرجح مما حكم به، وأنه الصواب، فليحكم فيما يحدث بعد ذلك من أخوات الحادثة بما رآه ثانيا، ولا ينقض ما حكم به أولا، بل يمضيه، ثم ما نقض به قضاء نفسه نقض به قضاء غيره، وما لا، فلا. ولا فرق بينهما إلا أنه لا يتبع قضاء غيره، وإنما ينقضه إذا رفع إليه، وله تتبع قضاء نفسه لينقضه، ولو كان المنصوب للقضاء قبله لا يصلح للقضاء، نقض أحكامه كلها، وإن أصاب فيها، لأنها صدرت ممن لا ينفذ حكمه، هذا هو القول الجملي فيما ينقض ولا ينقض. ثم تكلموا في صور، منها لو قضى قاض بصحة نكاح المفقود زوجها بعد مضي أربع سنين، ومدة العدة، فوجهان أشهرهما