المجتهد إلى الموافق ويرجح عنده.
قلت: قد صرح الشيخ أبو إسحاق في اللمع وغيره من الأصحاب بالجزم بالأخذ بالموافق. والله أعلم.
وإن انتشر قول الصحابي، فله ثلاثة أحوال، أحدها: أن يخالفه غيره، فعلى الجديد هو كاختلاف سائر المجتهدين، وعلى القديم هما حجتان تعارضتا، فإن اختص أحد الطرفين بكثرة عدد، أو بموافقة أحد الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ترجح، نص عليه في القديم في غير علي وألحق الجمهور بهم عليا، ومنهم من لم يلحقه، لأن الثلاثة كانوا في دار الهجرة والصحابة متوافرون، وكانوا في حكمهم وفتواهم يتشاورون، وعلي رضي الله عنه انتقل إلى الكوفة، وتفرقت الصحابة.
وإن لم يوجد واحد من الامرين في واحد من الصرفين، أو وجد في أحدهما أحدهما، وفي الآخر الآخر، فهما سواء. ولو كان في أحدهما أبو بكر أو عمر، وفي الآخر عثمان أو علي رضي الله عنهم، فهل يستويان، أم يرجح طرف الشيخين؟ وجهان. ويشبه أن يجئ مثلهما في تعارض الشيخين، فيستويان في وجه، ويقدم طرف أبي بكر رضي الله عنه في وجه.
الحال الثاني: أن يوافقه سائر الصحابة رضي الله عنهم، ويقولوا بما قاله، فهذا إجماع منهم على الحكم، ولا يشترط فيه انقراض عصر المجتمعين على الأصح، ولا يتمكن أحدهم من الرجوع، بل يكون قوله الأول مع قول سائر المجتمعين حجة عليهم، كما هو حجة على غيرهم.
الحال الثالث: أن يسكتوا، فلا يصرحوا بموافقته ولا مخالفته فاختار الغزالي في المستصفى أنه ليس بحجة. والصحيح الذي عليه جماهير الأصحاب أنه حجة، لأنهم لو خالفوه، لاعترضوا عليه، لكن هل هو إجماع أم حجة غير إجماع؟ وجهان، قال الروياني: هذا إذا لم يظهر أمارات الرضى ممن سكت، فإن ظهرت فإجماع بلا خلاف، قالوا: والأصح هنا اشتراط انقراض العصر في كونه