نفذ ظاهرا، وفي الباطن أوجه، أصحها عند جماعة، منهم البغوي، والشيخ أبو عاصم: النفوذ مطلقا لتتفق الكلمة، ويتم الانتفاع، والثاني: المنع، وبه قال الأستاذ أبو إسحاق، واختاره الغزالي. والثالث: إن اعتقده الخصم أيضا، نفذ باطنا، وإلا فلا، هذه الأوجه تشبه الأوجه في اقتداء الشافعي بالحنفي وعكسه، فإن منعنا النفوذ باطنا مطلقا، أو في حق من لا يعتقده لم يحل للشافعي الاخذ بحكم الحنفي بشفعة أو بالتوريث بالرحم إذا لم نقل به نحن، وعلى هذا هل يمنعه القاضي لاعتقاد المحكوم له أم لا، لاعتقاد نفسه؟ وجهان أصحهما الثاني.
ومن قال بالمنع، فقد يقول لا ينفذ القضاء في حقه لا ظاهرا ولا باطنا.
فرع هل تقبل شهادته بما لا يعتقده كشافعي بشفعة الجوار؟ وجهان في التهذيب.
قلت: الأصح القبول. والله أعلم.
فرع قال للقاضي رجلان: كانت بيننا خصومة في كذا، فحكم القاضي فلان بيننا بكذا، ونحن نريد أن تستأنف الحكم بيننا باجتهادك، ونرضى بحكمك، فهل يجيبهما أم يتعين إمضاء الحكم الأول، ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد؟
وجهان، حكاهما ابن كج، الصحيح الثاني.
فصل في آداب منثورة. يستحب أن يدعو أصدقاءه الامناء، ويلتمس منهم أن يطلعوه على عيوبه ليسعى في إزالتها، ويستحب أن يكون راكبا في مسيره إلى مجلس حكمه، وأن يسلم على الناس في طريقه، وعلى القوم إذا دخل، وأن يدعو إذا جلس، ويسأل الله تعالى التوفيق والتسديد، وأن يقوم على رأسه أمين ينادي هل من خصم؟ ويرتب الناس، ويقدم الأول فالأول قال ابن المنذر: يستحب أن يكون حصينا لمكان النساء، ويجوز أن يعين للقضاء يوما أو يومين على حسب حاجة الناس ودعاويهم، وأن يعين وقتا من النهار، فإن حضر خصمان في غير الوقت المعين،