ولو تحاكم إليه أبوه وابنه، هل له الحكم لأحدهما؟ وجهان في المهذب أصحهما: لا، وبه قطع البغوي. ومتى وقعت له خصومة، أو لاحد هؤلاء الذين يمنع حكمه لهم، قضى فيها الامام، أو قاضي بلدة أخرى، أو نائبه، وفي النائب وجه ضعيف.
قلت: قال البغوي: وللقاضي أن يستخلف أباه أو ابنه، لأنهما كنفسه.
قال: ولو جعل الامام إلى رجل أن يختار قاضيا، لم يجز أن يختار والده ولا ولده، كما لا يختار نفسه، وسيأتي قريبا في مسائل التزكية أنه لا يصح تزكية ولد ولا والد على الصحيح. والله أعلم.
فرع لا يقضي على عدوه على الصحيح، وبه قطع الجمهور، كالشهادة عليه، وجوزه الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية لأن أسباب الحكم ظاهرة بخلاف الشهادة.
فرع تولى وصي اليتيم القضاء هل له أن يسمع البينة ويحكم له؟ وجهان، أصحهما: نعم، وبه قال القفال، ومنعه ابن الحداد.
الأدب العاشر: فيما ينقض من قضائه وقضاء غيره، وذلك يتعلق بقواعد، إحداها الأصول التي يقضي بها القاضي، ويفتي بها المفتي كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله (ص)، والاجماع، والقياس، وقد يقتصر على الكتاب والسنة، ويقال:
الاجماع يصدر عن أحدهما، والقياس يرد إلى أحدهما. وأما قول الواحد من الصحابة رضي الله عنهم. فإن لم ينتشر فيهم، فقولان: القديم أنه حجة، والجديد ليس بحجة، ثم قال أبو بكر الصيرفي والقفال القولان إذا لم يكن معه قياس، فإن كان معه قياس ولو ضعيف احتج به قطعا، ورجح على القياس القوي، وقال الأكثرون في الجميع القولان، فإن قلنا بالقديم، وجب الاخذ به، وترك القياس، وفي تخصيص العموم به وجهان، وإن قلنا بالجديد، فهو كقول آحاد المجتهدين، لكن لو تعارض قياسان أحدهما وافق قول صحابي، قال الغزالي: قد تميل نفس