لتقلله وبراءته من التكلف المعتاد، وهذا يعرف بتناسب حال الشخص في الأعمال والأخلاق، وظهور مخايل الصدق فيما يبديه، وقد يؤثر فيه الزي واللبسة. وفي قبول شهادة أهل الحرف الدنيئة كحجام وكناس ودباغ وقيم حمام وحارس ونخال وإسكاف وقصاب ونحوهم وجهان، أصحهما: القبول، وفي الحائك الوجهان، وقيل: يقبل قطعا وقيل: يقبل من لا يحتاج إلى مباشرة نجاسة أو قذر كالحائك والنخال والحارس دون غيرهم، وفي الصباغ والصائغ طريقان، أحدهما: طرد الوجهين، والمذهب القبول قطعا، لكن من أكثر منهم، ومن سائر المحترفة كذبا وخلفا في الوعد، ردت شهادته، ولذلك قال الغزالي: الوجهان في أصحاب الحرف هما فيمن يليق به، وكان ذلك صنعة آبائه، فأما غيره، فتسقط مروءته بها، وهذا حسن، ومقتضاه أن يقال: الإسكاف والقصاب إذا اشتغلا بالكنس، بطلت مروءتهما بخلاف العكس.
قلت: لم يتعرض الجمهور لهذا القيد، وينبغي أن لا يقيد بصنعة آبائه، بل ينظر هل يليق به هو أم لا. والله أعلم.
ثم الذين يباشرون النجاسة إنما يجري فيهم الخلاف إذا حافظوا على الصلوات في أوقاتها، واتخذوا لها ثيابا طاهرة، وإلا فترد شهادتهم بالفسق.
فرع من ترك السنن الراتبة، وتسبيحات الركوع والسجود أحيانا، لا ترد شهادته، ومن اعتاد تركها، ردت شهادته لتهاونه بالدين وإشعار هذا بقلة مبالاته بالمهمات، وحكى أبو الفرج في غير الوتر وركعتي الفجر وجهان أنه لا ترد شهادته باعتياد تركها.
فرع نص أن مستحل الأنبذة إن أدام المنادمة عليها، والحضور مع أهل السفه، ردت شهادته لطرحه المروءة، وتقبل شهادة الطوافين على الأبواب، وسائر السؤال إلا أن يكثر الكذب في دعوى الحاجة وهو غير محتاج، أو يأخذ ما لا يحل له أخذه، فيفسق. ومقتضى الوجه الذاهب إلى رد شهادة أصحاب الحرف رد شهادته لدلالته على خسته.