بين أحد من أهل العلم علمته (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع فقال (كل شراب أسكر فهو حرام) (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج عليهم فقال إني وجدت من فلان ريح شراب الطلاء وأنا سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته فجلده عمر الحد تاما (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قال: لا أوتى بأحد شرب خمرا نبيذا أو مسكرا إلا حددته (قال الشافعي) قال بعض الناس الخمر حرام والسكر من كل الشراب ولا يحرم المسكر حتى يسكر منه ولا يحد من شرب نبيذا مسكرا حتى يسكره. فقيل لبعض من قال هذا القول:
كيف خالفت ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عن عمر وروى عن علي ولم يقل أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه؟ قال روينا فيه عن عمر أنه شرب فضل شراب رجل حده. قلنا رويتموه عن رجل مجهول عندكم لا تكون روايته حجة قال: وكيف يعرف المسكر؟ قلنا لا نحد أحدا أبدا لم يسكر حتى يقول شربت الخمر أو يشهد به عليه أو يقول شربت ما يسكر أو يشرب من إناء هو ونفر فيسكر بعضهم فيدل ذلك على أن الشراب مسكر فأما إذا غاب معناه فلا يضرب فيه حدا ولا تعزيرا لأنه إما الحد وإما أن يكون مباحا وإما أن يكون مغيب المعنى ومغيب المعنى لا يحد فيه أحد ولا يعاقب إنما يعاقب الناس على اليقين وفيه كتاب كبير وسمعت الشافعي يقول ما أسكر كثيره فقليله حرام (قال الشافعي) يقال لم قال إذا شرب تسعة فلم يسكر ثم شرب العاشر فسكر فالعاشر هو حرام فقيل له: أرأيت لو شرب عشرة فلم يسكر؟ فإن قال حلال قيل له فإن خرج فأصابته الريح فسكر فإن قال حرام قيل أفرأيت شيئا يشربه رجل حلالا ثم صار في بطنه حلالا فلما أصابته الريح قلبته فصيرته حراما.
باب ضرب النساء (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن إياس بن عبد الله ابن أبي ذباب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تضربوا إماء الله) قال فأتاه عمر فقال يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن فائذن في ضربهم فأطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم نساء كثير كلهن يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أطاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة يشكون أزواجهن ولا تجدون أولئك خياركم (قال الشافعي) وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب النساء إذا ذئرن على أزواجهن وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن بضربهن ضربا غير مبرح وقال (اتقوا الوجه) (قال الشافعي) وقد أذن الله عز وجل بضربهن إذا خيف نشوزهن فقال (واللاتي تخافون نشوزهن) إلى (سبيلا) (قال) ولو ترك الضرب كان أحب إلى القول النبي صلى الله عليه وسلم (لن يضرب خياركم) وإذا أذن الله عز وجل ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب الحرائر فكيف عاب رجل أن يقيم سيد الأمة على أمته حد الزنا وقد جاءت به السنة وفعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده.