فأعتقه سيده حين فرغ من القذف ورفع إلى الإمام وهو حر حد عبد لأن الحد إنما وجب يوم قذف وكذلك لو كان المقذوف عبدا فأعتقه سيده ساعة قذف لم يكن له إذا ارتفع إلى الإمام حد لأنه مملوك، وكذلك إن زنى عبد فأعتقه سيده مكانه ثم رفع إلى الإمام حد حد عبد لأن الحد أنما وجب عليه يوم زنى. قال نعم: قيل فسارق صفوان سرق وصفوان مالك ووجب الحد عليه وحكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوان مالك. فكيف درأت عينه؟ قال: إن صفوان إنما وهب له الحد.
قيل: صفوان وهب له رداء نفسه في الخبر عنه. قال فإني أخالف صاحبي فأقول إذا قضى الحاكم عليه ثم وهب له قطع وإن وهب له قبل يقضى الحاكم لا يقطع لأن خروج حكم الحاكم قبل مضى الحد كمضي الحد. قيل وهذا خطأ أيضا. قال ومن أين؟ قلنا أرأيت لو اعترف السارق أو الزاني أو الشارب فحكم الإمام على المعترفين كلهم بحدودهم فذهب بهم من عنده لتقام عليهم حدودهم فرجعوا؟ قال لا يحدون. قلنا أو ليس قد زعمت أن خروج حكم الحاكم كمضي الحد؟ قال ما هو مثله. فلم فلما شبهته به؟
ما جاء في اقطع اليد والرجل يسرق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قطع يد سارق اليسرى وقد كان أقطع اليد والرجل وذكر عبد الله ابن عمر عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن أبي بكر مثله (قال الشافعي) فقال قائل إذا قطعت يده ورجله ثم سرق حبس وعزر ولم يقطع فلا يقدر على أن يمشي قيل قد روينا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر في دار الهجرة وعمر يراه ويشير به على أبى بكر (1) وقد روى عنه أن قطع أيضا فكيف خالفتموه؟ قيل قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه قلنا فقد رويتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القطع أشياء مستنكرة وتركتموها عليه منها أنه قطع بطون أنامل صبي ومنها أنه قطع القدم من نصف القدم، وكل ما رويتم عن علي رضي الله عنه في القطع غير ثابت عندنا فكيف تركتموها عليه لا محالف له فيها و احتججتم به على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا حجة في أحد معها وعلى أبى بكر وعمر في دار الهجرة وعلى ما يعرفه أهل العلم؟ أرأيت حين قال الله عز وجل (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا) ولم يذكر اليد والرجل إلا في المحارب فلو قال قائل يعتل بعلتكم أقطع يده ولا أزيد عليها لأنه إذا قطعت يده ورجله ذهب بطشه ومشيه فكان مستهلكا أتكون الحجة عليه إلا ما مضى من السنة والأثر وإن اليد والرجل هي مواضع الحد وإن تلفت أرأيت حين حد الله عز وجل الزاني والقاذف لوحد مرة ثم عاد أليس يعادله أبدا ما عاد؟ أرأيت إن قال قائل قد ضرب مرة فلا يعادله ما الحجة عليه إلا أن يقال للضرب موضع فمتى كان الموضع قائما حد عليه وكذلك الأيدي والأرجل ما كان للقطع موضع أتى عليها وهو أقطع اليد والرجل مستهلك فكيف لم يمتنعوا من استهلاكه واعتلوا في ترك قطع اليسرى بالاستهلاك؟ وكيف حدوا من وجب عليه القتل بالقتل وهذا