ولابن أربع عشرة في الذرية (قال الشافعي) فبكتاب الله عز وجل ثم بهذا القول نأخذ قال الله عز وجل (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا) الآية فمن بلغ النكاح من الرجال وذلك الاحتلام والحيض من النساء خرج من الذرية وأقيم عليه الحدود كلها ومن أبطأ ذلك عنه واستكمل خمس عشرة سنة أقيمت عليه الحدود كلها السرقة وغيرها.
باب ما يكون حرزا ولا يكون والرجل توهب له السرقة بعدما يسرقها أو يملكها بوجه من الوجوه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله أن صفوان بن أمية قيل له من لم يهاجر هلك فقدم صفوان المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق وأخذ رداءه من تحت رأسه فأخذ صفوان السارق فجاء به النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده فقال صفوان إني لم أرد هذا هو عليه صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هلا قبل أن تأتيني به؟) وأخبرنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن عمه واسع بن حبان أن رافع خديج أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تقطع اليد في ثمر ولا كثر) أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن أبي حسين عن عمرو بن شعيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا قطع في ثمر معلق فإذا آواه الجرين ففيه القطع) (قال الشافعي) فأنظر أبدا إلى الحال التي يسرق فيها السارق فإذا سرق السرقة ففرق بينها وبين حرزها فقد وجب الحد عليه حينئذ فإن وهب السرقة للسارق قبل القطع أو ملكها بوجه من وجوه الملك قطع لأني إنما أنظر إلى الحال التي سرق فيها والحال التي سرق فيها هو غير مالك للسلعة وأنظر إلى المسروق فإن كان في الموضع الذي سرق فيه تنسبه العامة إلى أنه في مثل ذلك الموضع محرز فأقطع فيه وإن كانت العامة لا تنسبه إلى أنه في مثل ذلك الموضع محرز فلا يقطع فيه (قال الشافعي) فرداء صفوان كان محرزا باضطجاعه عليه فمثله كل من كان في موضع مباح فاضطجع على ثوبه فاضطجاعه حرز له كان في صحراء أو حمام أو غيره لأنه هكذا يحرز في ذلك الموضع وأنظر إلى متاع السوق فإذا ضم بعضه إلى بعض في موضع بياعاته وربط بحبل أو جعل الطعام في خيش وخيط عليه فسرق أي هذا أحرز به فأقطع فيه لأن الناس مع شحهم على أموالهم هكذا يحرزونه وأي إبل الرجل كانت تسير وهو يقودها فقطر بعضها إلى بعض فسرق منها أو مما عليها شيئا قطع فيه وكذلك إن جمعها في صحراء أو أناخها وكانت بحيث ينظر إليها قطع فيها وكذلك الغنم إذا آواها إلى المراح فضم بعضها إلى بعض واضطجع حيث ينظر إليها فسرق منا شئ قطع فيه لأنه هكذا إحرازها وكذلك لو نزل في صحراء فضرب فسطاطا وآوى فيه متاعه واضطجع فيه فإن سرق الفسطاط والمتاع من جوف الفسطاط فأقطع فيه لأن اضطجاعه فيه حرز للمتاع والفسطاط إلا أن الاحراز تختلف فيحرز بكل ما يكون العامة تحرز بمثله والحوائط ليست بحرز للنخل ولا للثمرة لأن أكثرها مباح يدخل من جوانبه فمن سرق من حائط شيئا