أولا (قال الشافعي) رحمه الله: وما أصاب المريد لنفس الرجل أو ماله أو حريمه من الرجل في إقباله أو ناله به في توليته عنه سواء لأنه ظالم لذلك كله فعليه القود فيما فيه القود والعقل فيما فيه العقل من ذلك كله. فإن كان المريد معتوها أو ممن لا قود عليه فلا قود عليه وفما أصاب العقل وإن كان المريد بهيمة في نهار فلا شئ على مالكها كانت مما يصول ويعقر أو مما لا يصول ولا يعقر بحال إذا لم يكن معها قائد أو سائق أو راكب.
التعدي في الاطلاع ودخول المنزل أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لو أن امرءا أطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح) أخبرنا سفيان قال حدثنا الزهري قال سمعت سهل بن سعد يقول اطلع رجل من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي عليه الصلاة والسلام مدرى يحك به رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيته رأى رجلا اطلع عليه فأهوى إليه بمشقص كان في يده كأنه لو لم يتأخر لم يبال أن يطعنه (قال الشافعي) رحمه الله: فلو أن رجلا عمد أن يأتي نقبا أو كوة أو جوبة في منزل رجل يطلع على حرمه من النساء كان ذلك المطلع من منزل المطلع أو من منزل لغيره أو طريق أو رحبة فكل ذلك سواء وهو آثم يعمد الاطلاع. ولو أن الرجل المطلع عليه خذفه بحصاة أو وخزة بعود صغير أو. مدري أو ما يعمل عمله في أن لا يكون له جرح يخاف قتله وإن كان قد يذهب البصر لم يكن عليه عقل ولا قود فيما ينال من هذا وما أشبهه ولو مات المطلع من ذلك لم يكن عليه كفارة ولا إثم إن شاء الله تعالى ما كان المطلع مقيما على الاطلاع غير ممتنع من النزوع فإذا نزع عن الاطلاع لم يكن له أن يناله بشئ وما ناله به فعليه فيه قود أو عقل إذا كان فيه عقل ولو طعنه عند أول اطلاعه بحديدة تجرح الجرح الذي يقتل أو رماه بحجر يقتل مثله كان عليه القود فيما فيه القود لأنه إنما أذن له الذي يناله بالشئ الخفيف الذي يردع بصره لا يقتل نفسه (قال الشافعي) ولو ثبت مطلعا لا يمتنع من الرجوع بعد مسألته أن يرجع أو بعد رميه بالشئ الخفيف استغاث عليه، فإن لم يكن في موضع غوث أحببت أن ينشده فإن لم يمتنع في موضع الغوث وغيره من النزوع عن الاطلاع فله أن يضربه بالسلاح وأن يناله بما يردعه. فإن جاء ذلك على نفسه أو جرحه فلا عقل ولا قود ولا يجاوز بما يرميه به ما أمرته به أولا حتى يمتنع فإذا لم يمتنع ناله بالحديد وغيره لأن هذا مكان يرى ما لا يحل له (قال الشافعي) ولو لم ينل هذا منه كان للسلطان أن يعاقبه ولو أنه أخطأ في الاطلاع لم يكن للرجل أن يناله بشئ إذا اطلع فنزع من الاطلاع أو رآه مطلعا فقال ما عمدت ولا رأيت وإن ناله قبل أن ينزع بشئ فقال ما عمدت ولا رأيت لم يكن عليه شئ لأن الاطلاع ظاهر ولا يعلم ما في قلبه ولو كان أعمى فناله بشئ ضمنه لأن الأعمى لا يبصر بالاطلاع شيئا ولو كان المطلع ذا محرم من نساء المطلع عليه لم يكن له أن يناله بشئ بحال ولم يكن له أن يطلع لأنه لا يدري لعله يرى منهم عورة ليست له رؤيتها. وان ناله بشئ في الاطلاع ضمنه عقلا وقودا إلا أن يطلع على امرأة منهم متجردة فيقال له فلا ينزع فيكون له حينئذ فيه ما يكون له في الأجنبيين إذا اطلعوا (قال الشافعي) رحمه الله وإنما فرقت بين المطلع أول ما يطلع وبين المريد مال