المكره على الردة قال الله تبارك وتعالى (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ولو أن رجلا أسره العدو فأكرهه على الكفر لم تبن منه امرأته ولم يحكم عليه بشئ من حكم المرتد قد أكره بعض من أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الكفر فقاله ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ما عذب به فنزل فيه هذا ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم باجتناب زوجته ولا بشئ مما على المرتد ولو مات المكره على الكفر ولم تظهر له توبة ببلاد الحرب ورثه وورثته المسلمون، ولو أنفلت فرجع إلى بلاد الاسلام قيل له أظهر الاسلام فإن فعل إلا كان مرتدا بامتناعه من إظهار الاسلام يحكم عليه الحكم على المرتد وإذا أسر الرجل أو كان مستأمنا ببلاد العدو فشهد شاهدان على أنه كان يأكل الخنزير ويشرب الخمر ولم يشهدا على نفس الردة ولا على كلام كفر بين ثم مات ورث ماله ورثته من المسلمين إلا أن يقروا بأنه مرتد فيكون ماله فيئا فإن أقر بعضهم بردته ولم يقر بها بعضهم ورث الذين لم يقروا نصيبهم من ميراثه ويوقف نصيب الذين أقروا بردته حتى تستبان ردته وفيها قول آخر أنه يغنم لأنهم يصدقون على ما يملكون ولا يوقف، ولو شهد عليه شاهدان أنهما سمعاه يرتد وقالا ارتد مكرها أو ارتد محدودا أو ارتد محبوسا لم يغنم ماله وورثه ورثته من المسلمين ولو قالا كان مخلى آمنا حين ارتد كانت تلك ردة وغنم ماله ولو ادعى ورثته أنه رجع إلى الاسلام لم يقبل منهم إلا ببينة ولو أقاموا بينة على أنهم رأوه في مدة بعد الشهادة بالردة يصلى صلاة المسلمين قبلت ذلك منهم وورثتهم ماله ولو كان هذا في بلاد الاسلام والمرتد ليس في حال ضرورة لم أقبل هذا منهم حتى يشهد عليه شاهدان بالتوبة بعد الردة ولم أقبل من ورثته أنه ارتد مسجونا ولا محدودا إذا لم تقطع البينة أنه سجن وحد ليرتد.
ما أحدث المرتد في حال ردته في ماله.
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا ارتد الرجل عن الاسلام فلم يوقف ماله فما صنع فيه فهو جائز كما يجوز له في ماله ما صنع قبل الردة فإذا وقف فلا سبيل له على إتلاف شئ من ماله بعوض ولا غيره ما كان موقوفا فإن أعتق أو كاتب أو دبر أو اشترى أو باع فذلك كله موقوف لا ينفذ منه شئ في حال ردته فإن رجع إلى الاسلام لزمه ذلك كله إلا البيع فإذا فسخ بيعه فقد انفسخ لأنه لم يكن محولا بينه وبين ماله في الحال الذي أحدث ذلك فيه حول الحجر إنما كان موقوفا عنه ليقتل فيعلم أن ملكه كان زائلا عنه بالردة إن لم يتب حتى يموت فيصير فيئا أو يسلم فيكون على ما كان في ملكه أولا فلما أسلم علمنا أن فعله فيما يملك (قال الشافعي) ولو كان في ردته في يديه شئ يدعى انه ملك له ثم أقر بذلك الشئ بعينه لغيره كان لغيره أخذه منه في حال ردته وكذلك يلزمه ما أقر به من الدين لأجنبي وكذلك يؤخذ من ماله ما لزم الرجل غير المرتد في ماله ولو قال في عبد من عبيده في حال ردته هذا عبد اشتريته أو وهب لي وهو حر كان حرا ولم ينتظر إسلامه بما أقر به لغيره إنما أرد ما أحدث إتلافه بلا سبب متقدم يقربه احتياطا عليه لا حجرا عنه (وفيها قول آخر) أنه إذا حجر عليه فهو كالمحجور في جميع حالاته حتى يرجع إلى الاسلام فيفك عنه الحجر.