لمات منها ومن أوجبت له دية نفس بيمين أو أوجبت له أن يبرأ أوجبت له أن يبرأ من نفس بيمين لم يستحق هذا ولم يبرأ من هذا بأقل من خمسين يمينا والايمان في الدماء خلاف الايمان في الحقوق وهي في جميع الحقوق يمين يمين، وفي الدماء خمسون يمينا بما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القسامة فلم تجز في يمين دم يبرأ بها المحلف ولا يأخذ بها المدعى أقل من خمسين يمينا والله أعلم.
الورثة يقسمون (قال الشافعي) وإذا قتل الرجل فوجبت فيه القسامة لم يكن لاحد أن يقسم عليه إلا أن يكون وارثا كأن قتله عمدا أو خطأ وذلك أنه لا تملك (1) النفس بالقسامة إلا دية المقتول ولا يملك دية المقتول إلا وارث فلا يجوز أن يقسم على مالا يستحقه إلا من له المال بنفسه أو من جعل الله تعالى له المال من الورثة (قال الشافعي) ولو وجبت في رجل قسامة وعليه دين وله وصايا فامتنع الورثة من القسامة فسأل أهل الدين أو الموصى لهم أن يقسموا لم يكن ذلك لهم وذلك أنهم ليسوا المجني عليه الذي وجب له على الجانين المال ولا الورثة الذين أقامهم الله تعالى مقام الميت في ماله بقدر ما فرض له منه (قال الشافعي) ولو ترك القتيل وارثين فأقسم أحدهما فاستحق به نصف الدية أخذها الغرماء من يده فإن فضل منها فضل أخذ أهل الوصايا ثلثها من يده ولم يكن لهم أن يقسموا ويأخذوا النصف الآخر فإن أقسم الوارث الآخر أخذ الغرماء من يده ما في يده حتى يستوفوا ديونهم وإن استوفوها أخذ أهل الوصايا الثلث مما في يده وإن كان للغرماء مائة دينار فاستوفوها من نصف الدية الذي وجب للذي أقسم أولا ثم أقسم الآخر رجع الأول على الآخر بخمسين دينارا ولا يرجع عليه في الوصايا لأن أهل الوصايا إنما يأخذون ثلث ما في يده لا كله كما يأخذه الغرماء ولا يقسم ذو قرابة ليس بوارث ولا ولى يتيم من ولد الميت حتى يبلغ اليتيم فإن مات اليتيم قام ورثته في ذلك مقامه وإن طلب ذو قرابة وهو غير وارث القتيل أن يقسم جميع القسامة لم يكن ذلك له فإن مات ابن القتيل أو زوجة له أو أم أو جدة فورثة ذو القرابة كان له أن يقسم لأنه صار وارثا ومن وجبت له القسامة وهو غائب أو مخبول أو صبي فلم يحضر الغائب أو حضر فلم يقسم ولم يبلغ الصبي ولم يفق المعتوه أو بلغ هذا وأفاق هذا فلم يقسموا ولم يبطلوا حقوقهم في القسامة حتى ماتوا قام ورثتهم مقامهم في أن يقسموا بقدر مواريثهم منهم وذلك أن يرث ابن عشر مال أبيه ثم يموت فيرثه عشرة فيكون على كل واحد من العشرة يمين واحدة من قبل أن له عشر العشر من ميراث القتيل وعشر العشر واحد وهكذا هذا في غيره من الورثة يقسمون على قدر مواريثهم فإن قال قائل ففي حديث ابن أبي ليلى ذكر أخي المقتول ورجلين معه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم تحلفون وتستحقون فكيف لا يحلف إلا وارث؟ قلت قد يمكن أن يكون قال ذلك لوارث المقتول هو وغيره يمكن أن يكون قال ذلك لوارثه وحده تحلفون لواحد أو قال ذلك لجماعتهم يعنى به يحلف الورثة إن كان مع أخيه الذي حكى أنه حضر النبي صلى الله عليه وسلم وارث غيره أو كان أخوه غير وارث له وهو يعنى بذلك الورثة فإن قال قائل: ما الدلالة على هذا؟ فإن جميع حكم الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سوى القسامة أن يمين المرء لا تكون إلا فيما يدفع بها الرجل عن نفسه