بيده لأبي الحسن بن محمد ثم لمن سمى معه وبعده وأخرجهما محمد بن إدريس من ملكه وجعلهما على ما شرط في هذا الكتاب لأبي الحسن بن محمد ومن سمى معه وبعده شهد على إقرار محمد بن إدريس بما في هذا الكتاب وعلى أن أبا الحسن بن محمد المولود بمصر متصدق عليه بما في هذا الكتاب على ما شرط فيه صغير يلي محمد بن إدريس أبوه القبض له والاعطاء منه وما يلي الأب من ولده الصغار.
البحيرة والوصيلة والسائبة والحام (أخبرنا الربيع بن سليمان) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) فلم يحتمل إلا ما جعل الله ذلك نافذا على ما جعلتموه وهذا إبطال ما جعلوا منه على غير طاعة الله عز وجل (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: كانوا يبحرون البحيرة ويسيبون السائبة ويوصلون الوصيلة ويحمون الحام على غير معان سمعت كثيرا من طوائف العرب يحكون فيه فتجتمع حكايتهم على أن ما حكوا منه عندهم من العلم العام الذي لا يشكون فيه ولا يمكن في مثله الغلط لأن فيما ذكروا أنهم سمعوا عوامهم يحكونه عن عوام من كان قبلهم فكان مما حكوا مجتمعين على حكايته أن قالوا البحيرة الناقة تنتج بطونا فيشق مالكها أذنها ويخلى سبيلها ويحلب لبنها في البطحاء ولا يستجيزون الانتفاع بلبنها ثم زاد بعضهم على بعض فقال بعضهم تنتج خمسة بطون فتبحر وقال بعضهم وذلك إذا كانت تلك البطون كلها إناثا، والسائبة العبد يعتقه الرجل عند الحادث مثل البرء من المرض أو غيره من وجوه الشكر أو أن يبتدئ عتقه فيقول قد أعتقتك سائبة. يعنى سيبتك فلا تعود إلى ولا لي الانتفاع بولائك كما لا يعود إلى الانتفاع بملكك. وزاد بعضهم فقال: السائبة وجهان هذا أحدهما. والسائبة أيضا يكون من وجه آخر: وهو البعير ينجح عليه صاحبه الحاجة أو يبتدئ الحاجة أن يسيبه فلا يكون عليه سبيل (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ورأيت مذاهبهم في هذا كله فيما صنعوا أنه كالعتق. قال والوصيلة الشاة تنتج الا بطن فإذا ولدت آخر بعد الا بطن التي وقتوا لها قيل وصلت أخاها، وزاد بعضهم تنتج الا بطن الخمسة عناقين عناقين في كل بطن فيقال هذه وصيلة تصل كل ذي بطن بأخ له معه، وزاد بعضهم فقال: قد يوصلونها في ثلاثة أبطن ويوصلونها في خمسة وفي سبعة. قال: والحام الفحل يضرب في إبل الرجل عشر سنين فيخلى ويقال قد حمى هذا ظهره فلا ينتفعون من ظهره بشئ وزاد بعضهم فقال يكون لهم من صلبه وما أنتج مما خرج من صلبه عشر من الإبل فيقال قد حمى هذا ظهره. قال: وأهل العلم من العرب أعلم بهذا ممن لقيت من أهل التفسير وقد سمعت من أهل التفسير من يحكى معنى ما حكيت عن العرب وفيما سمعت من حكايتهم نصا ودلالة من أخبارهم أنهم كانوا يبحرون البحيرة ويسيبون السائبة ويوصلون الوصيلة ويحمون الحام على وجوه جماعها أن يكونوا مؤدين بما يصنعون من ذلك حقا عليهم من نذر نذروه فوفوا به أو فعلوه بلا نذرهم أو بحق وجب عليهم عندهم فأدوه، وكان عندهم إذا فعلوه خارجا من أموالهم بما فعلوا فيه مثل خروج ما أخرجوا إلى غيرهم من المالكين وكانوا يرجون بأدائه البركة في أموالهم وينالون به عندهم مكرمة مع التبرر بما صنعوا فيه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وكان فعلهم يجمع أمورا منها أمر واحد بر في الأخلاق وطاعة لله عز وجل في منفعته ثم شرطوا في ذلك الشئ شرطا ليس من البر فأنفذ البر ورد الشرط الذي ليس من البر وهو أن أحدهم كان يعتق عبده سائبة ومعنى يعتقه سائبة هو أن يقول أنت حر سائبة فكما أخرجتك من ملكي وملكتك نفسك فصار ملكك لا يرجع إلى بحال أبدا فلا يرجع إلى