أو الجهالة به مالا يرجو في حاكمه وأن لو كان على حكام المسلمين الحكم بينهم إذا جاءهم بعض دون بعض وإذا جاءوهم مستجمعي لجاءوهم في بعض الحالات مستجمعين (قال الشافعي) ولا نعلم أحدا من أهل العلم روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بينهم إلا في الموادعين اللذين رجم ولا عن أحد من أصحابه بعده إلا ما روى بجالة مما يوافق حكم الاسلام وسماك بن حرب عن علي رضي الله عنه مما يوافق قولنا في أنه ليس على الإمام أن يحكم إلا أن يشاء (قال الشافعي) وهاتان الروايتان وإن لم تخالفانا غير معروفتين عندنا ونحن نرجو أن لا نكون ممن تدعوه الحجة على من خالفه إلى قبول خبر من لا يثبت خبره معرفته عنده (قال الشافعي) فقال لي بعض الناس فإنك إذا أبيت الحكم بينهم رجعوا إلى حكامهم فحكموا بينهم بغير الحق عندك (قال الشافعي) فقلت له وأنا إذا أبيت الحكم فحكم حاكمهم بينهم بغير الحق ولم أكن أنا حاكما فما أنا من حكم حكامهم أترى تركي أن أحكم بينهم في درهم لو تظالموا فيه وقد أعلمتك ما جعل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم من الخيار في الحكم بينهم أو الترك لهم وما أوجدتك من الدلائل على أن الخيار ثابت بأن لم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من جاء بعده من أئمة الهدى أو ترى تركي الحكم بينهم أعظم أم تركهم على الشرك بالله تبارك وتعالى؟
فإن قلت فقد أذن الله عز وجل بأخذ الجزية منهم وقد علم أنهم مقيمون على الشرك به معونة لأهل ديته فإقرارهم على ما هو أقل من الشرك أحرى أن لا يعرض في نفسك منه شئ إذا أقررناهم على أعظم الأمور فأصغرها أقل من أعظمها (قال الشافعي) فقال لي قائل فإن امتنعوا أن يأتوا حكامهم قلت أخيرهم بين أن يرجعوا إليهم أو يفسخوا الذمة، قال فإذا خيرتهم فرجعوا وأنت تعلم أنهم يحكمون بينهم بالباطل عندك فأراك قد شركتهم في حكمهم (قال الشافعي) فقلت له لست شريكهم في حكمهم وإنما وفيت لهم بذمتهم وذمتهم أن يأمنوا في بلاد المسلمين لا يجبرون على غير دينهم ولم يزالوا يتحاكمون إلى حكامهم برضاهم فإذا امتنعوا من حكامهم قلت لهم لم تعطوا الأمان على الامتناع والظلم فاختاروا أن تفسخوا الذمة أو ترجعوا إلى من لم يزل يعلم أنه كان يحكم بينكم منذ كنتم فإن اختاروا فسخ الذمة فسخناها وإن لم يفعلوا ورجعوا إلى حكامهم فكذلك لم يزالوا لا يمنعهم منه إمام قبلنا ورجوعهم إليهم شئ رضوا به لم نشركهم نحن فيه (قال الشافعي) ولو رددناهم إلى حكامهم لم يكن ردنا له مما يشركهم ولكنه منع لهم من الامتناع (قال) وقلت لبعض من يقول هذا القول أرأيت لو أغار عليهم العدو فسبوهم فمنعوهم من الشرك وشرب الخمر وأكل الخنزير أكان على أن استنقذهم إن قويت لذمتهم؟ قال نعم قلت فإن قال قائل إذا استنقذتهم ورجعوا آمنين أشركوا وشربوا الخمر وأكلوا الخنزير فلا تستنقذهم فتشركهم في ذلك ما الحجة؟ قال الحجة أن نقول استنقذهم لذمتهم قلت فإن قال في اي ذمتهم وجدت أن تستنقذهم؟ هل تجد بذلك خبرا؟ قال لا ولكن معقول إذا تركتهم آمنين في بلاد المسلمين أن عليك الدفع عمن في بلاد المسلمين قلت فإن قلت أدفع عما في بلاد المسلمين للمسلمين فأما لغيرهم فلا قال إذا جعلت لغيرهم الأمان فيها كان الدفع عنهم قلت وحالهم حال المسلمين؟ قال لا، قلت فكيف جعلت على الدفع عنهم وحالهم مخالفة حال المسلمين هم وإن استووا في أن لهم المقام بدار المسلمين مختلفون فيما يلزم لهم المسلمين؟ (قال الشافعي) وإن جاز لنا القتال عنهم ونحن نعلم ما هم عليه من الشرك واستنقاذهم لو أسروا فردهم إلى حكامهم وإن حكموا بما لا نرى أخف وأولى أن يكون لنا والله أعلم (قال الشافعي) فقال لي بعض الناس أرأيت إن أجزت الحكم بينهم كيف تحكم؟ قلت إذا اجتمعوا على الرضا بي فأحب إلى أن لا أحكم لما وصفت لك ولان ذلك لو كان