أو جزء من مائة جزء أو أقل ولا يجوز أن يكون نعطيه شيئا ونحن لا ندري لعله ليس له وإن قامت بينة أعطينا بما شهدت به البينة وسلمنا له حصته من الغلة والدار فإن لم تقم بينة كان ذلك موقوفا وسواء طال الزمان في ذلك أو قصر فإن قال قائل أفرأيت الرجل يموت وعليه الدين فتحضر غرماؤه فيثبتون على ديونهم ويحلفون وتصح في دينه كيف تقضى لهؤلاء وأنت لا تدرى لعل له غرماء لهم أكثر مما لهؤلاء فلا يصيب هؤلاء مثل ما تقضى لهم فإن جاء غيرهم من غرمائه أدخلتهم عليهم؟ قيل لافتراق الدين والميراث، فإن قال قائل فأين افتراقهما؟ قيل الدين في ذمة من عليه الدين حيا كان أو ميتا يجب في الحياة مثل الذي يجب في الوفاة ولا يخرج ذو الدين حيا كان أو ميتا فيما بينة وبين الله عز وجل ولا في الحكم إلا أن يؤدى دينه، ولو كان حيا فدفع إلى أحد غرمائه دون غيره من غرمائه كان ذلك جائزا للمدفوع إليه لأن أصل الدين في ذمته وأهل الدين أحق بمال ذي الدين حيا كان أو ميتا منه ومن ورثته بعده والدين مطلق كله لا بعضه في ذمته والورثة ليسوا يستحقون وذو المال على شيئا وإنما نقل الله عز وجل إليهم ما كان الميت مالكا الفضل عن الدين وأدخل عليهم أهل الوصايا فإن وجدوا فضلا ملكوا ما وجدوا بما فرض الله عز وجل لهم لا بشئ كان في ذمة الميت وإن لم يجدوا لم يكن في ذمة الميت لهم شئ ولم يكن آثما بأن لم يجدوا شيئا ولا متبوعا كما يكون متبوعا بالدين فلما لم يكن لهم في ذمة الميت شئ يتبع به بكل حال وكان إنما فرض لهم شئ لا يزادون عليه ولا ينقصون منه، إنما هو جزء مما وجدوا قل أو كثر فلم يكن ثم أصل حق يعطون به إلا على ما وصفت لم يجز لهم أن يكون الملك منقولا إلى واحد منهم إلا وملكه معروف وإن ورد هذا على الحاكم كشفه وكتب إلى البلد الذي انتوى به الميت وطلب له وارثا، فإن لم يجده فإنما ماله وموقوف فندعوا الطالب لميراثه بثقة (1) كمن يرضى هو أن يقف الأموال على يديه فإذا ضمن عنه ما دفع إليه دفعه إليه ولم يكن هذا ظلما لغائب إن جاء ولا حبسا عن حاضر، وإذا كان المال مضمونا على ثقة كان خيرا للغائب من أن يكون أمانة عند ثقة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا أقام الرجل البينة أن أباه مات وترك هذه الدار وأنه لا وارث لأبيه غيره قضى له بالدار ولم يؤخذ منه بذلك كفيل، والله تعالى الموفق.
باب الدعوى في البيوع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا باع الرجل من الرجل عبدا أو شيئا ما كان بيعا حراما وقبض المبتاع ما اشترى فهلك في يديه كل عليه رد قيمته وذلك أن البائع لم يدفعه إليه إلا على عوض يأخذه منه فلما كان العوض غير جائز كان على المبتاع رد ما أخذ لأنه لم يسلم للبائع العوض ولم يكن أصله أمانة ولو باعه عبدا على أن المبتاع بالخيار فقبضه المبتاع فمات في يديه قبل أن يختار البيع أو يمضى أجل الخيار كان عليه أن يرد القيمة فإن قال قائل هل تم البيع بينهما وفيه خيار؟ قيل كان أصل البيع حلالا لو أعتقه المشترى جاز عتقه أو كانت أمة حل له وطؤها ولو أراد بيعها كان له وكان مالكا صحيح الملك إلا أن له إن شاء رد الملك بالشرط ولم يكن أخذه أمانة ولا أخذه إلا على أن يوفى البائع ثمنه أو يرد إليه عبده ولم يكن أخذه على محرم من البيوع فلما لزم الآخذ للعبد على المحرم أن يرد القيمة