بالزنا أم لا وأنت لا تجيز فيمن عرف بالزنا أن يعقل ويقتل به من قتله إلا أن تأتى عليه ببينة وعمر لم يجعل فيه دية وأنت تجعل فيه دية قال فأنا إنما قسته على حكم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت وما ذلك الحكم قال روى عمرو بن دينار أن عمر كتب في رجل من بنى شيبان قتل نصرانيا من أهل الحيرة إن كان القاتل معروفا بالقتل فاقتلوه وإن كان غير معروف بالقتل فذروه ولا تقتلوه فقلت وهذا غير ثابت عن عمر رضي الله عنه وإن كان ثابتا عندك فتقول به؟ فقال لا بل يقتل القاتل للنصراني كان معروفا بالقتل أو غير معروف به فقلت له أيجوز لاحد ينسب إلى شئ من العلم أن يزعم أن قصة رواها عن رجل ليست كما قضى به ويخالفها ثم يقيس عليها إذا تركها فيما قضى بها فيه لم يكن له أن يشبه عليه غيرها (قال الشافعي) وقلت له أيضا تخطئ القياس الذي رويت عن عمر أنه أمر أن ينظر في حال القاتل المعروف بالقتل فيقاد أو غير معروف به فيرفع عنه القود وأنت لم تنظر في السارق ولا إلى القاتل إنما نظرت إلى المقتول قال فما تقول؟ قلت أقول بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخبر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه والامر الذي يعرفه أهل العلم قال وما يعرف أهل العلم؟
قلت أما يكون الرجل ببلد غريبا لا يعرف بالسرقة فيقتله رجل فيسأل عنه بذلك البلد فلا يعرف بالسرقة وهو معروف ببلد غيره بالسرقة؟ قال بلى قلت أما يعرف بالسرقة ثم يتوب؟ قال بلى قلت أما يكون أن يدعوه رجل لضغن منه عليه فيقول اعمل لي عمل كذا ثم يقتله ويقول دخل علي؟ قال بلى قلت وما يكون غير سارق فيبتدئ السرقة فيقتله رجل وأنت تبيح له قتله به قال بلى قلت فإذا كانت هذه الحالات وأكثر منها في القاتل والمقتول ممكنة عندك فكيف جاز أن قلت ما قلت بلا كتاب ولا سنة ولا أثر ولا قياس على اثر؟ قال فتقول ماذا قلت أقول إذا جاء عليه بشهود يشهدون على ما يحل دمه أهدرته فلم أجعل فيه عقلا ولا قودا وإن لم يأت عليه بشهود أقصصت وليه منه ولم أقبل فيه قوله وتبعت فيه السنة ثم الأثر عن علي رضي الله عنه ولم أجعل للناس الذريعة إلى قتل من في أنفسهم عليه شئ ثم يرمونه بسرقة كاذبين.
باب أن الحدود كفارات (قال الشافعي) رحمه الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن أبي إدريس عن عبادة بن الصامت قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال (بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا) وقرأ عليهم الآية (فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله عز وجل إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) (قال الشافعي) ولم أسمع في الحدود حديثا أبين من هذا قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(وما دريك؟ لعل الحدود نزلت كفارة للذنوب) وهو يشبه هذا وهو أبيه منه وقد روى رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث معروف عندنا وهو غير متصل الاسناد فيما أعرف وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أصاب منكم من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله عز وجل) (قال) وروى أن أبا بكر أمر رجلا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم أصاب حدا بالاستتار وان عمر امره به وهذا حديث صحيح عنهما (قال الشافعي) ونحن نحب لمن أصاب الحد أن يستتر وأن يتقى الله عز وجل ولا يعود لمعصية الله فإن الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده.