عاشرهم حذيفة فعرفهم بأعيانهم ثم عاشرهم مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهم يصلون عليهم وكان عمر رضي الله عنه إذا وضعت جنازة فرأى حذيفة فإن أشار إليه أن اجلس وإن قام معه صلى عليها عمر ولا يمنع هو ولا أبو بكر قبله ولا عثمان بعده المسلمين الصلاة عليهم ولا شيئا من أحكام الاسلام ويدعها من تركها بمعنى ما وصفت من أنها إذا أبيح تركها من مسلم لا يعرف إلا بالاسلام كان أجوز تركها من المنافقين. فإن قال فلعل هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة قيل فلم لم يقتل أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا على رضي الله عنهم ولا غيرهم منهم أحدا ولم يمنعه حكم الاسلام وقد أعلمت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفى اشرأب النفاق بالمدينة (قال الشافعي) ويقال لاحد إن قال هذا ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد من أهل دهره لله حدا بل كان أقوم الناس بما افترض الله عليه من حدوده صلى الله عليه وسلم حتى قال في امرأة سرقت فشفع لها (إنما أهلك من كان قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع قطعوه) وقد آمن بعض الناس ثم ارتد ثم أظهر الايمان فلم يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل من المرتدين من لم يظهر الايمان. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) فأعلم أن حكمهم في الظاهر أن تمنع دماؤهم بإظهار الايمان وحسابهم في المغيب على الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله عز وجل تولى منكم السرائر ودرأ عنكم (1) بالبينات فتوبوا إلى الله واستتروا بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله عز وجل) وقال صلى الله عليه وسلم (إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلى فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار) فاعلم أن حكمه كله على الظاهر وأنه لا يحل ما حرم الله وحكم الله على الباطن لأن الله عز وجل تولى الباطن وقال عمر بن الخطاب الرجل أظهر الاسلام كان يعرف منه خلافه (إني لأحسبك متعوذا) فقال أما في الاسلام ما أعاذني؟ فقال أجل إن في الاسلام ما أعاذ من استعاذ به قال ولو لم يعلم قائل هذا القول شيئا مما وصفنا إلا أنه وافقنا على قتل المرتد وأن يجعل ماله فيئا فكان حكمه عنده حكم المحارب من المشركين وكان أصل قوله في المحارب أنه إذا أظهر الايمان في أي حال ما كان إسار أو تحت سيف أو غيرها أو على أي دين كان حقن دمه كان ينبغي أن يمنع من أن يقتل من أظهر الايمان بأي حال كان وإلى أي دين كان رجع (قال الربيع) إذا قال بعض الناس فهم المشرقيون وإذا قال بعض أصحابنا أو بعض أهل بلدنا فهو مالك.
خلاف بعض الناس في المرتد والمرتدة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وخالفنا بعض الناس في غير ما خالفنا فيه بعض أصحابنا من المرتد والمرتدة فقال إذا ارتدت المرأة الحرة عن الاسلام حبست ولم تقتل وإن ارتدت الأمة تخدم القوم دفعت إليهم وأمروا بأن يجبروها على الاسلام قال وكانت حجته في أن لا تقتل المرأة على الردة شيئا رواه عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما في المرأة ترتد عن الاسلام تحبس ولا تقتل