تركت الناس يحدون إماءهم أليس في الناس الجاهل أفيولى الجاهل حدا؟ (قال الشافعي) قلت له: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زنت أمته أن يحدها كان ذلك لكل من كانت له أمة والحد موقت معروف قال فلعله أمر بهذا أهل العلم قلت ما يجهل ضرب خمسين أحد يعقل ونحن نسألك عن مثل هذا قال وما هو؟ قلت أرأيت رجلا خاف نشوز امرأته أو رأى منها بعض ما يكره في نفسه أله ضربها قال: نعم قلت له ولم؟ قال رخص الله عز وجل في ضرب النساء وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤدب الرجل أهله قلنا: فإن اعتل عليك رجل في ضرب المرأة في النشوز والأدب بمثل علتك في الحد وأكثر وقال الحد مؤقت والأدب غير مؤقت. فإن أذنت لغير العالم في الضرب خفت مجاوزته العدد قال: يقال له أدب ولا تجاوز العدد قلنا فقال وما العدد؟ قال ما يعرف الناس قلت وما يعرفون؟ قال الضرب غير المبرح ودون الحد قلنا قد يكون دون الحد ضربة وتسعة وثلاثين وتسعة وسبعين فأي هذا يضربها؟ قال ما يعرف الناس قلنا فإن قيل لك لعله لم يؤذن إلا للعالم قال حق العالم والجاهل على أهلهما واحد قلنا: فلم عبت علينا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم من زنت أمته أن يحدها. ثم زعمت أن ليس للعالم أن يحد أمته؟ فإن اعتللت بجهالة الجاهل فأجز للعالم أن يحدها وأنت لا تجيزه وإنما أدخلت شبهة بالجاهل وأحد يعقل لا يجهل خمسين ضربة غير مبرحة ثم صرت إلى أن أجزت للجاهلين أن يضربوا نساءهم بغير أن توقت ضربا. فإن اتبعت في ذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تجز لاحد ان يتأول عليك لأنه جملة فهو عام للعالم ولغيره قال: نعم قلنا فلم تتبع الخبر الذي هو أصح منه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يحد الرجل أمته فأثبت أضعف الخبرين وجعلت العالم والجاهل فيهما سواء بالخبر ثم منعت العالم والجاهل أن يحد أمته؟ ما ينبغي أن يبين خطأ قول بأكثر من هذا (قال الشافعي ما إلى العلة بالجهالة ذهب من رد هذا ولو كانت العلة بالجهالة ممن يحد إذا لأجازه للعالم دون الجاهل فهو لا يجيزه لعالم ولا لجاهل وقد رد أقوى الخبرين وأخذ بأضعفهما وكلا الحديثين نأخذ به نحن ونسأل الله سبحانه التوفيق.
باب ما جاء في الضرير من خلقته لا من مرض يصيب الحد أخبرنا الربيع قال: (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد وأبى الزناد كلاهما عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن رجلا (قال أحدهما أحبن وقال الآخر مقعد) كان عند جوار سعد فأصاب امرأة حبل فرمته به فسئل فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به قال أحدهما جلد بأثكال النخل وقال الآخر بأثكول النخل (قال الشافعي) وبهذا نأخذ إذا كان الرجل مضنوء الخلق قليل الاحتمال يرى أن ضربه بالسوط في الحد تلف في الظاهر ضرب بأثكال النخل لأن الله عز وجل قد حد حدودا منها حدود تأتى على النفس الرجم والقتل غير الرجم بالقصاص فبينهما وحد بالجلد فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الجلد وكان بينا في كتاب الله عز وجل ثم سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الضرب لم يرد به التلف وأنه إنما أريد والله أعلم النكال للناس عن المحارم ولعله طهور أيضا. فإذا كان معروفا عند من يحد أن حده للضرير تلف لم يضرب المحدود بما يتلفه وضربه بما ضربه به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن قيل قد يتلف الصحيح المحتمل فيما يرى ويسلم غير المحتمل قيل إنما يعمل من هذا على الظاهر والآجال بيد الله عز وجل (قال الشافعي) فأما الحبلى والمريض