حالات تزعم أن دمه فيها كلها محرم فلو كنت إنما أبحت دمه بالإرادة فقط انبغى أن تبيح دمه في هذه الحالات كلها. قال فبأي شئ أبحت دمه؟ قلت بمنع الله تعالى ما حرم الله تعالى أن ينتهك منى فلما لم أجد مانعا لدمي إلا ضربه ضربته فإذا صار إلى الحال التي لا يقدر فيها على قتلى فدمه محرم لأنه لم يفعل فعلا يحل دمه إنما فعل فعلا يحل منعه لا دمه فإن كان في منعه حتفه فهو أحله بنفسه وإن لم يكن فيه حتفه لم يحل لي قتله بعد أماني من أن يقتلني. وكذلك في الحالات التي وصفت لك قبل أن أضربه فلو صار إلى حال امتنع فيها منه بغير ضربه لم يحل لي ضربه. وكذلك الجمل إذا لم أقدر على دفعه إلا بما دفعت به المسلم من الضرب ضربته وإن أتت الضربة على نفسه وإن صار إلى الحال التي آمنه فيها على نفسي لم يحل لي ضربه ولو ضربته فقتلته غرمت ثمنه فلم أبحها بجناية إنما الجناية الفعل لا الإرادة ولكن أبحتها لمنع حرمتي، وكذلك المجنون، وكذلك الصبي والله أعلم.
الاستحقاق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا اعترف الرجل دابة في يدي رجل والمعترفة في يديه ينكر أو لا ينكر ولا يعترف كلف المعترف البينة فإن جاء بالبينة أنها دابته لا يعلمون أنه باع ولا وهب أو قالوا لم يبع ولم يهب فليس ذلك مما ترد به شهادتهم وإنما ذلك على العلم أحلف صاحب الدابة بالله إن هذه الدابة ما خرجت من ملكه بوجه من الوجوه ثم دفعت إليه وإذا أسلف الرجل عبدا في طعام أو ثوبا أو عرضا أو دنانير أو دارهم أو ما كان فاستحق ما سلف من ذلك بطل البيع لأن الثمن العين الذي أسلفه ولا تختلف في ذلك الدنانير والدراهم باعها وهو لا يملكها وهذا في بيوع الأعيان فمن باع عينا أو اشترى بعين وشراؤه بالعين بيع للعين فاستحقت تلك العين انتقض البيع، وإذا باع صفة من الصفات مضمونة فقبضها المشترى فاستحققت لم ينتقض البيع. وذلك أن البيع لم يقع على تلك العين وإنما وقع على شئ مضمون فقبضها المشترى فاستحقت لم ينتقض البيع. وذلك أن البيع لم يقع على تلك العين وإنما وقع على شئ مضمون بصفة في ذمة البائع كالدين عليه ولا يبرأ منه هو أبدا إلا بأن يسلم لصاحبه فكلما استحق شئ بصفة رجع عليه حتى يستوفى تلك الصفة، وإذا صرف دنانير بأعيانها بدراهم بأعيانها فاستحقت الدراهم أو الدنانير لا فرق بين الدنانير والدراهم وغيرها بطل البيع فيها (قال الربيع) من اشترى شيئا بعينه بشئ بعينه فاستحق أحد الشيئين بطل البيع كله لأن الصفقة وقعت على ما يجوز وما لا يجوز، وإذا استحق من الدراهم شئ وإن قل بطل الصرف كله لأن الصفقة وقعت على ما يجوز وما لا يجوز، وإذا استحق من الدراهم شئ وإن قال بطل الصرف كله لأن الصفقة جمعت حلالا وحراما فبطلت كلها وهو قول الشافعي (قال الشافعي) وإذا اشترى الرجل جارية فأولدها من سوق من أسواق المسلمين أو غير أسواق المسلمين أو نكحته على أنها حرة فولدت له ثم استحقها سيدها فعليه مهر مثلها لسيدها وعليه قيمة أولادها منه يوم سقطوا لأن ذلك أول ما كان لهم حكم الدنيا ويأخذها سيدها مملوكة وإنما أعتق الولد بالغرور، ولو كانت أقرت بالرق فنكح على ذلك فإن ولده مماليك، ولو كان أمتان بين رجلين فاقتسماهما وصارت إحداهما لأحدهما فولدت منه ثم استحقها رجل آخر أخذها ومهر مثلها وقيمة ولدها وولدها أحرار وانتقض القسم بينهما وصارت الجارية باقية بينهما، وإذا ابتاع الرجل جارية فماتت في يديه فالموت فوت ثم استحقها رجل كان له أن يرجع بالقيمة على الذي ماتت في