أرش المجني عليه لأنه مات من السم والجناية فإن كان السم يوحى مكانه كما يوحى الذبح فالسم قاتل وعلى الجاني أرش الجرح فقط، وإن كان السم مما يقتل ولا يقتل فالجناية من السم والجراح وعليه نصف الدية، وإن كان داوى جرحه بشئ لا يعرف فالقول قول المجني عليه أنه شئ لا يضر مع يمينه وقول ورثته بعده والجاني ضامن لما حدث في الجناية ولو أن رجلا جرح رجلا جرحا فخاط المجروح عليه الجرح ليلتئم فإن كانت الخياطة في جلد حي فالجارح ضامن للجرح وإن مات المجروح بعد الخياطة فعلى الجارح نصف الدية وأجعل الجناية من جرح الجاني وخياطة المجروح لأن الخياطة ثقب في جلد حي وإن كانت الخياطة في جلد ميت فالدية كلها على الجارح ولا يعلم موت الجلد ولا اللحم إلا بإقرار الجاني أو بينة تقوم للمجني عليه من أهل العلم لأن الظاهر أن ذلك حي يعلم موته ولو لم يزد المجروح على أن ربط الجرح رباطا بلا خياطة ولاحم بينه بدمه أو بدواء لا يأكل اللحم الحي وليس بسم فمات المجني عليه كان الجاني ضامنا لجميع النفس لأن المجني عليه لم يحدث فيها جناية إنما أحدث فيها منفعة وغير ضرر (قال الشافعي) ولو أن المجني عليه كوى الجرح كان كيه إياه تكميدا بصوف أو ما أشبهه مما يقول أهل العلم أن هذا ينفع ولا يضر من بلغ هذا أو أكثر منه ضمن الجارح الجناية وما زاد فيها وإن كان بلغ كيها أن أحرق معها صحيحا أو قيل قد كواها كيا ينفع مرة ويضر أخرى (1) أو يدخل بدخله حال فهو جان على نفسه كما وصفت في الباب قبله يسقط نصف النفس بجنايته على نفسه ويلزم الجاني نصفها إن صارت الجناية نفسا.
من يلي القصاص (قال الشافعي) وإذا قطع الرجل أو جرح فسأل أن يخلى بينه وبين أن يقتص لنفسه لم يخل وذلك، وكذلك لا يخلى وذلك ولى له ولا عدو للمقتص منه ولا يقتص الا عالم بالقصاص عدل فيه ويكفى فيه الواحد لأنه لا يقتص الاثنان ويأمر الواحد من يعينه ولا يستعين بظنين على المقتص منه بحال. وعلى السلطان أن يرزق من يأخذ القصاص ويقيم الحدود في السرقة وغيرها من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس كما يرزق الحكم ولا يكلف ذلك الناس فإن لم يفعل الحاكم فأجر المقتص على المقتص منه لأن عليه أن يعطى كل حق وجب عليه ولا يكلم إعطاؤه إياه إلا بأن يسقط المؤنة عن آخذه كما يكون عليه أن يعطى أجر الكيال للحنطة والوزان للدنانير وهكذا كل قصاص دون النفس يليه غير المقتص له ووليه. وإن قتل رجل رجلا فسأل أولياؤه أن يمكن من القاتل يضرب عنقه أمكن منه وينبغي للإمام ان يتحفظ فيأمر من ينظر إلى سيفه فإن كان صارما وإلا أمره أن يأخذ سيفا صارما لئلا يعذبه ثم يدعه وضربه فإن ضربه ضربة فقتله فقد أتى على القود وإن ضربه على كتفه أو في رأسه منعه العودة وأحلفه ما عمد ذلك فإن لم يحلف على ذلك عاقبه وإن حلف تركه ولا أرش فيها وأمر هو بضرب عنقه بأمر الوالي وجبر الولي على ذلك إلا أن يعفو، وإن كان القاتل ضرب المقتول ضربات في عنقه تركه يضربه حتى يبلغ عدد الضربات فإن مات وإلا يأمر غيره بقتله، وإذا أمر الإمام الرجل غير الظنين