اشتراه بالنقد كان أو إلى أجل، وإنما لم أجز هذا لما وصفت من حديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإني ألزم من شرط لرجل شرطا من كيل أو صفة أن يوفيه شرطه بالكيل والصفة فلما شرط له الكيل لم يجز إلا أن يوفيه شرطه، فإن قال قائل فقد صدقة فلم لا يبرأ كما يبرأ من العيب؟ قيل لو كان تصديقه يقوم مقام الابراء من العيب فشرط له مائة فوجد فيه واحدا لم يكن له أن يرجع عليه بشئ كما يشترط له السلامة فيجد العيب فلا يرجع عليه به إذا أبرأه منه (قال الشافعي) وإذا ابتاع الرجل الطعام كيلا لم يكن له أن يأخذه وزنا إلا أن ينقض البيع الأول ويستقبل بيعا بالوزن وكذلك لا يأخذه بمكيال إلا بالمكيال الذي ابتاعه به إلا أن يكون يكيله بمكيال معروف مثل المكيال الذي ابتاعه به فيكون حينئذ إنما أخذه بالمكيال الذي ابتاعه به، وسواء كان الطعام واحدا أو من طعامين مفترقين وهذا فاسد من وجهين، أحدهما أنه أخذه بغير شرطه، والآخر أنه أخذه بدلا قد يكون أقل أو أكثر من الذي له والبدل يقوم مقام البيع وأقل ما فيه أنه مجهول لا يدرى أهو مثل ما له أو أقل أو أكثر؟
(قال الشافعي) ومن سلف في حنطة موصوفة فحلت فأعطاه البائع حنطة خيرا منها بطيب نفسه أو أعطاه حنطة شرا منها فطابت نفس المشترى فلا بأس بذلك وكل واحد منهما متطوع بالفضل وليس هذا بيع طعام بطعام، ولو كان أعطاه مكان الحنطة شعيرا أو سلتا أو صنفا غير الحنطة لم يجز، وكان هذا بيع طعام بغيره قبل أن يقبض، وهكذا التمر وكل صنف واحد من الطعام (قال الشافعي) ومن سلف في طعام إلى أجل فعجله قبل أن يحل الأجل طيبة به نفسه مثل طعامه أو شرا منه فلا بأس، ولست أجعل للتهمة أبدا موضعا في الحكم إنما أقضى على الظاهر (قال الشافعي) ومن سلف في قمح فحل الأجل فأراد أن يأخذ دقيقا أو سويقا فلا يجوز، وهذا فاسد من وجهين أحدهما أني أخذ غير الذي أسلفت فيه وهو بيع الطعام قبل أن يقبض، وإن قيل هو صنف واحد فقد أخذت مجهولا من معلوم فبعت مد حنطة بمد دقيق ولعل الحنطة مد وثلث دقيق ويدخل السويق في مثل هذا، ومن سلف في طعام فحل فسأل الذي حل عليه الطعام الذي له الطعام أن يبيعه طعاما إلى أجل ليقبضه إياه فلا خير فيه إن عقدا عقد البيع على هذا من قبل أنا لا نجيز أن يعقد على رجل فيما يملك أن يمنع منه أن يصنع فيه ما يصنع في ماله لأن البيع ليس بتام، ولو أنه باعه إياه بلا شرط بنقد أو إلى اجل فقضاه إياه فلا بأس، وهكذا لو باعه شيئا غير الطعام، ولو نويا جميعا أن يكون يقضيه ما يبتاع منه بنقد أو إلى أجل لم يكن بذلك بأس ما لم يقع عليه عقد البيع (قال الشافعي) وهكذا لو أسلفه في طعام إلى أجل فلما حل الأجل قال له بعني طعاما بنقد أو إلى أجل حتى أقضيك فإن وقع العقد على ذلك لم يجز وإن باعه على غير شرط فلا بأس بذلك كان البيع نقدا أو إلى أجل (قال الشافعي) ومن سلف في طعام فقبضه ثم اشتراه منه الذي قضاه إياه بنقد أو نسيئة إذا كان ذلك بعد القبض فلا بأس، لأنه قد صار من ضمان القابض وبرئ المقبوض منه، ولو حل طعامه عليه فقال له: اقضني على أن أبيعك فقضاه مثل طعامه أو دونه لم يكن بذلك بأس وكان هذا موعدا وعده إياه إن شاء وفى له به وإن شاء لم يف، ولو أعطاه خيرا من طعامه على هذا الشرط لم يجز، لأن هذا شرط غير لازم، وقد أخذ عليه فضلا لم يكن له والله أعلم.