فإن كانت في الشربة نخلات فقيل الأكثر لثمن الأرض أن يقطع بعضهن، ترك الراهن وقطعه وكان جميع النخلة المقطوعة جذعها وجمارها رهنا بحاله وكذلك قلوبها وما كان من جريدها لو كانت قائمة لم يكن لرب النخلة قطعها وكان ما سوى ذلك من ثمرها وجريدها الذي لو كانت قائمة كان لرب النخلة نزعه من كرانيف وليف لرب النخلة خارجا من الرهن وإذا قلع منها شيئا فثبته في الأرض التي هي رهن فهو رهن فيها لأن الرهن وقع عليه وإذا أخرجه إلى أرض غيرها لم يكن ذلك له إن كان له ثمن وكان عليه أن يبيعه فيجعل ثمنه رهنا أو يدعه بحاله، ولو قال المرتهن في هذا كله للراهن اقلع الضرر من نخلك لم يكن ذلك عليه لأن حق الراهن بالملك أكثر من حق المرتهن بالرهن (قال الشافعي) وإذا رهنه أرضا لا نخل فيها فأخرجت نخلا فالنخل خارج من الرهن وكذلك ما نبت فيها ولو قال المرتهن له اقلع النخل وما خرج قيل إن أدخله في الرهن متطوعا لم يكن عليه قلعها بكل حال لأنها تزيد الأرض خيرا فإن قال لا أدخلها في الرهن لم يكن عليه قلعها حتى يحل الحق فإن بلغت الأرض دون النخل حق المرتهن لم يقلع النخل وإن لم تبلغه قيل لرب النخل إما أن توفيه حقه بما شئت من أن تدخل معي الأرض النخل أو بعضه وإما أن تقلع عنه النخل وإن فلس بديون الناس والمسألة بحالها بيعت الأرض بالنخل ثم قسم الثمن على أرض بيضاء بلا نخل وعلى ما بلغت قيمة الأرض والنخل فأعطى مرتهن الأرض ما أصاب الأرض وللغرماء ما أصاب النخل وهكذا لو كان هو غرس النخل أو أحدث بناء في الأرض وهكذا جميع الغراس والبناء والزرع ولو رهنه أرضا ونخلا ثم اختلفا فقال الراهن قد نبت في هذه الأرض نخل لم أكن رهنتكه وقال المرتهن ما نبت فيه إلا ما كان في الرهن أريه أهل العلم به فإن قالوا قد ينبت مثل هذا النخل بعد الرهن كان القول قول الراهن مع يمينه وما نبت خارج من الرهن ولا ينزع حتى يحل الحق ثم يكون القول فيه كما وصفت فإن قالوا لا ينبت مثل هذا في هذا الوقت لم يصدق وكان داخلا في الرهن لا يصدق إلا على ما يكون مثله وإذا ادعى أنه غراس لا بواسطة منبت سئلوا أيضا فإن كان يمكن أن يكون من الغراس ما قال فهو خارج من الرهن وإن لم يكن يمكن فهو داخل في الرهن، ولو كان ما اختلفا فيه بنيانا فإن كانت جاءت عليه مدة يمكن أن يكون يبنى في مثلها بحال فالقول قول الراهن، وإن كانت لم تأت عليه مدة يمكن أن يكون يبنى في مثلها بحال، فالبناء داخل في الرهن، وإن كانت جاءت عليه مدة يمكن أن يكون بعض البناء فيها، وبعض لا يمكن أن يكون فيها كان البناء الذي لا يمكن أن يكون فيها داخلا في الرهن والبناء الذي يمكن أن يكون فيها خارجا من الرهن مثل أن يكون جدار طوله عشرة أذرع يمكن أن يكون أساسه وقدر ذراع منه، كان قبل الرهن وما فوق ذلك يمكن أن يكون بعد الرهن، وإذا رهنه شجرا صغارا فكبر فهو رهن بحاله لأنه رهنه بعينه وكذلك لو رهنه ثمرا صغارا فبلغ كان رهنا بحاله، وإذا رهنه أرضا ونخلا فانقطعت عينها أو انهدمت ودثر مشربها لم يجبر الراهن أن يصلح من ذلك شيئا ولم يكن للمرتهن أن يصلحه على أن يرجع به على الراهن، كان الراهن غائبا أو حاضرا وإن أصلحه فهو متطوع بإصلاحه وإن أراد إصلاحه بشئ يكون صلاحا مرة وفسادا أخرى فليس له أن يصلح به وعليه الضمان إن فسد به لأنه متعد بما صنع منه، وإذا رهنه عبدا أو أمة فغاب الراهن أو مرض فأنفق عليهما فهو متطوع ولا تكون له النفقة حتى يقضى بها الحاكم على الغائب ويجعلها دينا عليه، لأنه لا يحل ان تمات ذوات الأرواح بغير حق ولا حرج في إماتة ما لا روح فيه من أرض ونبات، والدواب ذوات الأرواح كلها كالعبيد إذا كانت مما تعلف فإن كانت سوائم رعيت ولم يؤمر بعلفها لأن السوائم هكذا تتخذ ولو تساوكت هزلا وكان الحق حالا فللمرتهن أخذ الراهن ببيعها وإن كان الحق إلى أجل فقال المرتهن مروا الراهن بذبحها فيبيع لحومها وجلودها لم يكن ذلك على الراهن لأن الله عز وجل قد يحدث لها الغيث فيحسن حالها به، ولو أصابها مرض جرب أو غيره لم يكلف علاجها لأن ذلك قد يذهب بغير العلاج ولو أجدب مكانها حتى تبين ضرره عليها كلف ربها النجعة بها إذا كانت النجعة موجودة
(١٦٩)