ومن لم يجزه أرأيت إن قضى الذي عليه ذكر الحق المرهون صاحب الحق حقه أما يبرأ من الدين؟ فإذا برئ منه انفسخ المرتهن للدين بغير فسخه له ولا اقتضائه لحقه ولا إبرائه منه ولا يجوز أن يكون رهن إلى الراهن فسخه بغير أمر المرتهن فإن قيل فيتحول رهنه فما اقتضى منه قيل فهو إذا رهنه مرة كتابا ومالا والرهن لا يجوز إلا معلوما وهو إذا كان له مال غائب فقال أرهنك مالي الغائب لم يجز حتى يقبض والمال كان غير مقبوض حين رهنه إياه وهو فاسد من جميع جهاته ولو ارتهن رجل من رجل عبدا وقبضه ثم إن المرتهن رهن رجلا أجنبيا العبد الذي ارتهن أو قال حقي في العبد الذي ارتهنت لك رهن وأقبضه إياه لم يجز الرهن فيه، لأنه لا يملك العبد الذي ارتهن وإنما له شئ في ذمة مالكه جعل هذا الرهن وثيقة منه إذا أداه المالك انفسخ من عنق هذا، أو رأيت إن أدى الراهن الأول الحق أو أبرأه منه المرتهن أما ينفسخ الرهن؟ (قال) فإن قال قائل فيكون الحق الذي كان فيه رهنا إذا قبضه مكانه، قيل فهذا إذا مع أنه رهن عبدا لا يملكه رهن مرة في عبد وأخرى في دنانير بلا رضا المرتهن الآخر أرأيت لو رهن رجل رجلا عبدا لنفسه ثم أراد أن يعطى المرتهن مكان العبد خيرا منه وأكثر ثمنا أكان ذلك له؟ فإن قال ليس هذا له فإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يرهن عبدا لغيره وإن كان رهنا له لأنه إذا اقتضاه ما فيه خرج من الرهن وإن لم يقبض ارتهنه ماله فيه وإن قال رجل لرجل قد رهنتك أول عبد لي يطلع على أو على عبد وجدته في داري فطلع عليه عبد له أو وجد عبدا في داره فأقبضه إياه فالرهن مفسوخ لا يجوز الرهن حتى ينعقد على شئ بعينه وكذلك ما خرج من صدفي من اللؤلؤ وكذلك ما خرج من حائطي من الثمر وهو لا ثمر فيه، فالرهن في هذا كله مفسوخ حتى يجدد له رهنا بعدما يكون عينا تقبض ولو قال رهنتك أي دوري شئت أو أي عبيدي شئت فشاء بعضهم وأقبضه إياه لم يكن رهنا بالقول الأول حتى يجدد فيه رهنا ولو رهن رجل رجلا سكنى دار له معروفة وأقبضه إياها لم يكن رهنا لأن السكنى ليست بعين قائمة محتبسة وأنه لو حبس المسكن لم يكن فيه منفعة للحابس وكان فيه ضرر على الرهن ولو قال رهنتك سكنى منزلي يعنى يكريه ويأخذ كراءه كان إنما رهنه شيئا لا يعرفه يقل ويكثر ويكون ولا يكون ولو قال أرهنك سكنى منزلي يعنى يسكنه لم يكن هذا كراء جائزا ولا رهنا لأن الرهن ما لم ينتفع المرتهن منه إلا بثمنه فإن سكن على هذا الشرط فعليه كراء مثل السكنى الذي سكن ولو كان لرجل عبد فرهنه من رجل ثم قال لرجل آخر قد رهنتك من عبدي الذي رهنت فلانا ما فضل عن حقه ورضى بذلك المرتهن الأول وسلم العبد فقبضه المرتهن الآخر أو لم يرض وقد قبض المرتهن الآخر الرهن أو لم يقبضه فالرهن منتقض لأنه لم يرهنه ثلثا ولا ربعا ولا جزءا معلوما من عبد وإنما رهنه ما لا يدرى كم هو من العبد ولا كم هو من الثمن ولا يجوز الرهن على هذا وهو رهن للمرتهن الأول ولو رهن رجل رجلا عبدا بمائة ثم زاده مائة وقال اجعل لي الفضل عن المائة الأولى رهنا بالمائة الآخرة ففعل كان العبد مرهونا بالمائة الأولى ولا يكون مرهونا بالمائة الأخرى وهي كالمسألة قبلها ولو أقر الراهن أن العبد ارتهن بالمائتين معا في صفقة واحدة وادعى ذلك المرتهن أو أن هذين الرجلين ارتهنا العبد معا بحقيهما وسمياه وادعيا ذلك معا أجزت ذلك فإذا أقر بأنه رهنه رهنا بعد رهن لم يقبل ولم يجز الرهن قال ولو كانت لرجل على رجل مائة فرهنه بها دارا ثم سأله أن يزيده رهنا فزاده رهنا غير الدار وأقبضه إياه فالرهن جائز وهذا كرجل كان له على رجل حتى بلا رهن ثم رهنه به رهنا وأقبضه إياه فالرهن جائز وهو خلاف المسألتين قبلها ولو أن رجلا رهن رجلا دارا بألف فأقر المرتهن لرجل غيره أن هذا الدار رهن بينه وبينه بألفين هذه الألف وألف سواها فأقر الراهن بألف لهذا المدعى الرهن المقر له المرتهن بلا رهن
(١٦٤)