ويمكن أن يكون إنما غلط به حين سمع قول بعض أصحاب النبي يوافقه ويحتمل مثل هذا فيمن وافقه من بعض الفقهاء (1) 1277 - (2) فأما من بعد كبار التابعين الذين كثرت مشاهدتهم لبعض أصحاب رسول الله (3) فلا أعلمن منهم واحدا يقبل مرسله لأمور أحدها أنهم أشد تجاوزا فيمن يروون عنه والآخر أنهم (4) يوجد عليهم الدلائل فيما أرسلوا بضعف مخرجه والآخر كثرة الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه (5)
(1) هكذا ذهب الشافعي إلى قبول بعض المرسل من حديث كبار التابعيين، لما ذكر من الدلائل، على تحفظه وتخوفه منه، وتصويره احتمال الخطأ فيه تصويرا قويا. ونحن لا نوافقه على قبول المرسل أبدا، سواء في هذا كبار التابعين وغيرهم، لأن المرسل مخرجه مجهول، وراويه الذي أخذه عنه التابعي لا نعرف عدله، فليس بحجة حتى نعرف عدله، وكذلك القول في المنقطع كله. قال ابن الصلاح: «وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو الذي استقر عليه آراء جماعة حفاظ الحديث ونقاد الأثر، وتداولوه في تصانيفهم». وانظر شرحناه على اختصار علوم الحديث لابن كثير (ص 37 - 41) والإحكام في الأصول لابن حزم (ج 2 ص 2 - 6).
(2) هنا في النسخ المطبوعة زيادة «قال الشافعي».
(3) في النسخ المطبوعة «أصحاب النبي».
(4) في نسخة ابن جماعة «أنه» وهو مخالف للأصل.
(5) في سائر النسخ «والآخر كثرة الإحالة [في الأخبار، وإذا كثرت الإحالة] [في الأخبار] كان أمكن للوهم» الخ. وزيادة «في الأخبار» الثانية في ب وحدها، والزيادة الأولى كلها في جميع النسخ، وزيدت بخط آخر بحاشية الأصل. والذي أراه أنها زيادة غير ضرورية وإن كان المعنى بها له وجه، وأن ما في الأصل أصح وأولى.
إذ يريد بقوله «كان أمكن للوهم» الخ توجيه رد المرسل من غير كبار التابعين، بعد أن ذكر حالهم في الرواية، في الأمور الثلاثة، فكأن هذا القول نتيجة لما قبله، ولذلك ذكره مستقلا، لم يربطه بما قبله.