تعالى: (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين - إلى قوله سبحانه - الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) (1) فإنه يدل على أن كل فرد من المسلمين في مقابل اثنين منهم ويدل عليه موثقة مسعدة بن صدقة أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إن الله عز وجل فرض على المؤمن - إلى أن قال - ثم حولهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عز وجل فنسخ الرجلان العشرة " (2).
نعم، إذا حصل العلم بالشهادة لفرد من المسلمين المقاتلين إذا ظل على القتال مع الاثنين منهم، جاز له الفرار إذا لم تترتب فائدة عامة على شهادته، لانصراف الآية المزبورة عن هذا الفرض.
وأما إذا كان الكفار أكثر من الضعف فلا يجب عليهم الثبات في القتال معهم إلا إذا كانوا مطمئنين بالغلبة عليهم، وإذا ظنوا بالغلبة لم يجب عليهم الثبات أو البدء في القتال معهم، ولكن لا شبهة في مشروعية الجهاد في هذا الفرض في الشريعة المقدسة، وذلك الاطلاق الآيات المتضمنة لترغيب المسلمين فيه.
وأما إذا ظنوا بغلبة الكفار عليهم، فهل الجهال مشروع في هذا الفرض؟ قيل بعدم المشروعية ووجوب الانصراف، وقيل بالمشروعية ومرغوبية الجهاد، والظاهر هو الثاني لاطلاق الآيات.
(مسألة 15) لا يجوز الفرار من الزحف إلا لتحرف في القتال أو تحيز إلى فئة وإن ظنوا بالشهادة في ساحة المعركة وذلك لاطلاق الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس