يمكن لنا إثبات أن المراد من بشير الواقع في سندها هو بشير الدهان، ورواية سويد القلاء عن بشير الدهان في مورد لا تدل على أن المراد من بشير هنا هو بشير الدهان، مع أن المسمى ب (بشير) متعدد في هذه الطبقة ولا يكون منحصرا ب (بشير) الدهان.
نعم، روى في الكافي هذه الرواية مرسلا عن بشير الدهان (1) وهي لا تكون حجة من جهة الارسال وقابلة للمناقشة دلالة، فإن الظاهر منها بمناسبة الحكم والموضوع هو حرمة القتال بأمر غير الإمام المفترض طاعته وبمتابعته فيه، ولا تدل على حرمة القتال على المسلمين مع الكفار إذا رأى المسلمون من ذوي الآراء والخبرة فيه مصلحة عامة للاسلام وإعلاء كلمة التوحيد بدون إذن الإمام عليه السلام كزماننا هذا.
الثانية: رواية عبد الله بن مغيرة، قال محمد بن عبد الله للرضا (عليه السلام) وأنا أسمع: حدثني أبي، عن أهل بيته، عن آبائه أنه قال له بعضهم: إن في بلادنا موضع رباط يقال له قزوين، وعدوا يقال له الديلم، فهل من جهاد؟ أو هل من رباط؟ فقال:
عليكم بهذا البيت فحجوه. فأعاد عليه الحديث، فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته وينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله بدرا، وإن مات منتظرا لأمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه، الحديث (2).
ولكن الظاهر أنها في مقام بيان الحكم الموقت لا الحكم الدائم بمعنى أنه لم يكن في الجهاد أو الرباط صلاح في ذلك الوقت الخاص، ويشهد على ذلك ذكر الرباط تلو الجهاد مع أنه لا شبهة في عدم توقفه على إذن الإمام عليه السلام وثبوته في زمان الغيبة، ومما يؤكد ذلك أنه يجوز أخذ الجزية في زمن الغيبة من أهل الكتاب إذا قبلوا ذلك، مع أن أخذ الجزية إنما هو في مقابل ترك القتال معهم، فلو لم يكن القتال معهم في هذا العصر مشروعا لم يجز أخذ الجزية منهم أيضا.
وقد تحصل من ذلك أن الظاهر عدم سقوط وجوب الجهاد في عصر الغيبة