وكذلك الحال في الذراري غير البالغين، والشيوخ وغيرهم ممن لا يقتل، وتدل على ذلك - مضافا إلى السيرة القطعية الجارية في تقسيم غنائم الحرب بين المقاتلين المسلمين - الروايات المتعددة الدالة على جواز الاسترقاق حتى في حال غير الحرب منها معتبرة رفاعة النخاس، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن الروم يغيرون على الصقالبة فيسرقون أولادهم من الجواري والغلمان، فيعمدون على الغلمان فيخصونهم ثم يبعثون بهم إلى بغداد إلى التجار، فما ترى في شرائهم ونحن نعلم أنهم قد سرقوا وإنما أغاروا عليهم من غير حرب كانت بينهم؟ فقال: " لا بأس بشرائهم، إنما أخرجوهم من الشرك إلى دار الاسلام " (1).
وأما إذا كانوا ذكورا بالغين فيتعين قتلهم إلا إذا أسلموا، فإن القتل حينئذ يسقط عنهم.
وهل عليهم بعد الاسلام من أو فداء أو الاسترقاق؟ الظاهر هو العدم، حيث إن كل ذلك بحاجة إلى دليل، ولا دليل عليه.
وأما إذا كان الأسر بعد الاثخان والغلبة عليهم فلا يجوز قتل الأسير منهم وإن كانوا ذكورا، وحينئذ كان الحكم الثابت عليهم أحد أمور: إما المن أو الفداء أو الاسترقاق.
وهل تسقط عنهم هذه الأحكام الثلاثة إذا اختاروا الاسلام؟ الظاهر عدم سقوطها بذلك، ويدل عليه قوله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) (2) بضميمة معتبرة طلحة بن زيد الآتية الواردة في هذا الموضوع.
ومن الغريب أن الشيخ الطوسي - قدس سره - في تفسيره (التبيان) نسب إلى الأصحاب أنهم رووا تخيير الإمام عليه السلام في الأسير إذا انفضت الحرب بين