ونتيجة ذلك: أن رؤية الهلال في بلد ما أمارة قطعية على خروج القمر عن الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته وأنه بداية لشهر قمري جديد لأهل الأرض جميعا لا لخصوص البلد الذي يرى فيه وما يتفق معه في الأفق.
ومن هنا يظهر: أن ذهاب المشهور إلى اعتبار اتحاد البلدان في الأفق مبني على تخيل أن ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاع الأرض كارتباط طلوع الشمس وغروبها بها إلا أنه لا صلة - كما عرفت - لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون أخرى فإن حاله مع وجود الكرة الأرضية وعدمها سواء.
(الثاني): النصوص الدالة على ذلك، ونذكر جملة منها:
1 - صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال فيمن صام تسعة وعشرين قال: " إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوما ".
فإن هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا - بوضوح - على أن الشهر إذا كان ثلاثين يوما في مصر كان كذلك في بقية الأمصار بدون فرق بين كون هذه الأمصار متفقة في آفاقها أو مختلفة إذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الأفق لكان على الإمام (ع) أن يبين ذلك، فعدم بيانه مع كونه عليه السلام في مقام البيان كاشف عن الاطلاق.
2 - صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان فقال: " لا تقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، وقال لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلا أن يقضي أهل الأمصار فإن فعلوا فصمه ".