وهذا هو ما قاله ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1).
والحقيقة هي أن النهي عن تدوين الحديث هو مما شرعه الشيخان، وكان مما يؤرق أنصارهم ويؤذيهم، إذ كيف يمكن فرض الحصار على حديث رسول الله وهو صلى الله عليه وآله المبين لأحكام الله؟
فمن أجل رفع هذا التنافي وضعوا أولا أحاديث دالة على نهي رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتابة حديثه، ثم تشكيكهم بنسبة تلك النصوص الدالة على نهي الشيخين لحديث رسول الله. وأخيرا نقل أقوال عن الخليفة الثاني دالة على لزوم الكتابة، كقوله: (قيدوا العلم بالكتاب) (2)!!.
فالحضر على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ومنع الكتابة هو مما لا يقبله أحد، فما جاء عن زيد بن ثابت قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه، يخالف ما نقل عنه، وكتابته للفرائض!!
قال جعفر بن برقان: سمعت الزهري يقول: لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس (3).
وقال ابن خير: كتاب الفرائض لزيد بن ثابت رحمة الله حدثني به أبو بكر... عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت (4). وقال الدكتور الأعظمي: ولا تزال مقدمة هذا الكتاب محفوظة في المعجم الكبير للطبراني (5).
وعن كثير بن أفلح: كنا نكتب عن زيد بن ثابت...) (6) وروى قتادة عن كثير بن الصلت أنهم يكتبون عند زيد (7).
ومثله الحال بالنسبة إلى أبي سعيد الخدري، فلو صح أن الخدري روى عن