تغيرها. فالصانع بوصف ثباته وبقائه أبدع هذا الكائن المتجدد الذات والهوية.
(139) والذي جعله الحكماء واسطة لارتباط الحادث بالقديم وهي الحركة غير صالح لذلك. فإن الحركة أمر عقلي إضافي عبارة عن خروج الشيء من القوة إلى الفعل لا ما به يخرج منها إليه وهو من الوجود الحدوثي والحدوث التدريجي والزمان كمية ذلك الخروج والتجدد. فالحركة خروج هذا الجوهر من القوة إلى الفعل تدريجا والزمان مقداره. وشئ منهما لا يصلح أن يكون واسطة في ارتباط الحادث بالقديم وكذا الأعراض لأنها تابعة في الثبات والتجدد لمحالها. فلم يبق إلا ما ذكرناه. وقد بسطنا القول المشبع لإثبات هذا المرام في سائر صحفنا بما لا مزيد عليه.
(140) وتارة من جهة إثبات الغايات للطبائع وأنها تستدعي من جهة استكمالاتها الذاتية وحركاتها الجوهرية أن يتبدل عليها هذا الوجود ويزول عنها هذا الكون وينقطع الحرث والنسل وينهدم هذا البناء ويصعق من في الأرض والسماء وتخرب هذه الدار وينتقل هذا الأمر إلى الواحد القهار.
(141) قال أمير المؤمنين وإمام الموحدين ع في خطب نهج البلاغة مشيرا إلى دثور العالم وزواله من جهة إثبات الغاية والرجوع إلى البداية كل شيء خاضع له وكل شيء قائم به غنى كل فقير وعز كل ذليل وقوة كل ضعيف ومفزع كل ملهوف.
من تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره. ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فإليه منقلبه. ثم ساق الكلام إلى قوله ع في أحوال الإنسان وولوج الموت فيه على التدريج فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط سمعه فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه. يردد طرفه في وجوههم يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم. ثم ازداد الموت التياطا به. فقبض بصره كما قبض سمعه. وخرجت الروح من جسده. فصار جيفة بين أهله قد أوحشوا من جانبه وتباعدوا من قربه. لا يسعد باكيا ولا يجيب داعيا.