(133) وقال بعضهم الروح لم يخرج من كن لأنه لو خرج من كن كان عليه الذل قبل. فمن أي شيء خرج قال: من بين جماله وجلاله انتهى. أقول: معنى كلامه أن الروح هو أمره تعالى وقوله كن هو نفس أمره تعالى الذي به يتكون الأشياء.
فسائر الموجودات خلقت وكانت من أمره وأمره لا يكون من أمره وإلا لزم الدور أو التسلسل بل عالم أمره سبحانه ينشأ من ذاته نشء الضوء من الشمس والنداوة من البحر.
(134) وقال ابن بابويه أيضا في كتاب الإعتقادات اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة ع أن فيهم خمسة أرواح:
روح القدس وروح الإيمان وروح القوة وروح الشهوة وروح المدرج. وفي المؤمنين أربعة أرواح. وفي الكافرين والبهائم ثلاثة أرواح. وأما قوله تعالى ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي فإنه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل وإسرافيل كان مع رسول الله ص ومع الملائكة وهو من الملكوت انتهى كلامه.
(135) وقد أخذ هذا الكلام من أحاديث أئمتنا المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين. والمراد من روح القدس الروح الأول الذي هو مع الله من غير مراجعة إلى ذاته وهو المسمى عند الحكماء ب العقل الفعال. ومن روح الإيمان العقل المستفاد الذي صار عقلا بالفعل بعد ما كان عقلا بالقوة. ومن روح القوة النفس الناطقة الإنسانية وهي عقل هيولاني بالقوة. ومن روح الشهوة النفس الحيوانية التي شأنها الشهوة والغضب. ومن روح المدرج الروح الطبيعي الذي هو مبدأ التنمية والتغذية. وهذه الأرواح الخمسة متعاقبة الحصول في الإنسان على التدريج. فالإنسان ما دام في الرحم ليس له إلا النفس النباتية. ثم ينشأ له بعد الولادة النفس الحيوانية أعني القوة الخيالية.
ثم يحدث له في أوان البلوغ الحيواني والاشتداد الصوري النفس الناطقة وهو العقل العملي. وأما العقل بالفعل فلا يحدث