ويعلم بأن سيده قد بعث بها إلى الإمام موسى الكاظم. فسعى حتى وصل إلى الرشيد وقال له: إن علي بن يقطين يحمل الأموال وزكاته إلى موسى الكاظم وأنه بعث بالدراعة المنسوجة بالذهب إلى الإمام موسى الكاظم فغضب الرشيد غضبا شديدا.. وكان يخشى من ميل الناس للإمام موسى الكاظم، واستدعى علي بن يقطين وقال له: ما فعلت بالدراعة التي اختصصتك بها من بين سائر خواصي. قال هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط في طيب مختوم عليها فقال: أحضرها الساعة.
فنادى علي بن يقطين بعض خدمه وقال له امض إلى داري وخذا هذا المفتاح وافتح الصندوق الفلاني وائتني بالسفط الذي فيه. فلم يلبث الخادم إلا قليلا حتى جاء بالسفط مختوما.. ففتحه بين يدي الرشيد فإذا الدراعة مطوية وعليها الطيب لم تلبس ولم يصبها شئ. فاعتذر الرشيد لعلي بن يقطين وأمر أن يضرب الساعي ألف سوط فضرب فلما بلغوا خمسمائة مات.
ورغم هذا كله فإن الرشيد بقي يتوجس من الإمام موسى الكاظم والوشاة والسعاة يهولون له الامر ويقولون له إنه يجمع الزكوات من الناس وأنه يسعى للخلافة. فدخل الرشيد المدينة المنورة وسار الرشيد ذات ليلة إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا رسول الله إني أعتذر إليك من أمر أريد أن أفعله. وهو أن أمسك موسى بن جعفر فإنه يريد التشعيب بين أمتك وسفك دمائهم. وإني أريد حقنها. ثم خرج وأمر بحبس موسى بن جعفر وأرسله مخفورا إلى البصرة إلى ابن عمه واليها عيسى بن جعفر بن المنصور. فلما مكث موسى في السجن سنة بعث الرشيد يأمر عيسى بسفك دم الإمام موسى والتخلص منه. فشق ذلك على عيسى بن جعفر وكتب إلى الرشيد يستعفيه من ذلك وأخبره بأن الإمام موسى طوال مدة سجنه لم يذكر الرشيد بسوء ولا أحد من الناس بل كان يدعو للناس كافة مع ملازمته الصيام والصلاة والذكر وقراءة القرآن وأنه لم ير أعبد منه.
فكتب الرشيد إلى السندي بن شاهك أن يتسلم الإمام موسى. وقيل إنه سمه وهو في السجن وقيل بل مات موتا طبيعيا عند ابن شاهك.
وقد ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أن الإمام موسى بعث إلى الرشيد وهو في السجن كتابا جاء فيه: (إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى معه