قوله تعالى: (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين... الخ)، كأن تكرار ذكر توبته للمؤمنين للدلالة على أن قوله: (ويريد الذي يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما) إنما يقابل من الفقرات الثلاث في الآية السابقة الفقرة الأخيرة فقط، إذ لو ضم قوله: (ويريد الذين) الخ إلى الآية السابقة من غير تكرار قوله: ( والله يريد) الخ. أفاد المقابلة في معنى جميع الفقرات ولغى المعنى قطعا.
والمراد بالميل العظيم هتك هذه الحدود الإلهية المذكورة في الآيات بإتيان المحارم وإلغاء تأثير الأنساب والأسباب، واستباحة الزنا والمنع عن الأخذ بما سنه الله من السنة القويمة.
قوله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) كون الإنسان ضعيفا لما ركب الله فيه القوى الشهوية التي لا تزال تنازعه في ما تتعلق به من المشتهيات وتبعثه إلى غشيانها فمن الله عليهم بتشريع حلية ما تنكسر به سورة شهوتهم بتجويز النكاح بما يرتفع به غائله الحرج حيث قال: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) وهو النكاح وملك اليمين فهداهم بذلك سنن الذين من قبلهم، وزادهم تخفيفا منه لهم لتشريع نكاح المتعة إذ ليس معه كلفة النكاح وما يستتبعه من أثقال الوظائف من صداق ونفقة وغير ذلك.
وربما قيل: إن المراد به إباحة نكاح الإماء عند الضرورة تخفيفا. وفيه: أن نكاح الإماء عند الضرورة كان معمولا به بينهم قبل الإسلام على كراهة وذم، والذي ابتدعته هذه الآيات هو التسبب إلى نفي هذه الكراهة والنفرة ببيان أن الأمة كالحرة إنسان لا تفاوت بينهما، وأن الرقية لا توجب سقوط صاحبها عن لياقة المصاحبة والمعاشرة.
وظاهر الآيات - بما لا ينكر - أن الخطاب فيها متوجه إلى المؤمنين من