مستوى الطريق المستقيم، وإن كان حقيرا في بادي أمره لكنه لا يزال يبعد الإنسان من صراط الهداية حتى يورده أودية الهلكة.
ومن هنا يظهر أن الترتيب الواقع في صدر الآية في صورة الاشتراط والتنزل أعني قوله : (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم) إنما هو جري في الكلام على مجرى الطبع والعادة، وليس إلزاما للمؤمنين على الترتيب بمعنى أن يتوقف جواز نكاح الأمة على فقدان الاستطاعة على نكاح الحرة بل لكون الناس بحسب طباعهم سالكين هذا المسلك خاطبهم أن لو لم يقدروا على نكاح الحرائر فلهم أن يقدموا على نكاح الفتيات من غير انقباض، ونبه مع ذلك على أن الحر والرق من نوع واحد بعض أفراده يرجع إلى بعض.
ومن هنا يظهر أيضا فساد ما ذكره بعضهم في قوله تعالى في ذيل الآية: (وإن تصبروا خير لكم) ان المعنى وصبركم عن نكاح الإماء مع العفة خير لكم من نكاحهن لما فيه من الذل والمهانة والابتذال هذا، فإن قوله: (بعضكم من بعض) ينافي ذلك قطعا.
قوله تعالى: (فانكحوهن باذن أهلهن) إلى قوله (أخدان) المراد بالمحصنات العفائف فإن ذوات البعولة لا يقع عليهن نكاح، والمراد بالمسافحات ما يقابل متخذات الأخدان، والأخدان جمع خدن بكسر الخاء وهو الصديق يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد والجمع، وإنما أتى به بصيغة الجمع للدلالة على الكثرة نصا، فمن يأخذ صديقا للفحشاء لا يقنع بالواحد والاثنين فيه لأن النفس لا تقف على حد إذا أطيعت فيما تهواه.
وبالنظر إلى هذه المقابلة قال من قال: إن المراد بالسفاح الزنا جهرا وباتخاذ الخدن الزنا سرا، وقد كان اتخاذ الخدن متداولا عند العرب حتى