- 3 - الانسان نوع مستقل غير متحول من نوع آخر الآيات التي ذكرناها تكفي مؤونة هذا البحث، فإنها تنهي هذا النسل الجاري بالنطفة إلى آدم وزوجته وتبين أنهما خلقا من تراب فالانسانية تنتهي إليهما وهما لا يتصلان بآخر يماثلهما ويجانسهما وإنما حدثا حدوثا.
والشائع اليوم عند الباحثين عن طبيعة الإنسان أن الإنسان الأول فرد تكامل إنسانا وهذه الفرضية بخصوصها وإن لم يتسلمها الجميع تسلما يقطع الكلام واعترضوا عليه بأمور كثيرة مذكورة في الكتب لكن أصل الفرضية وهي أن الانسان حيوان تحول إنسانا ، مما تسلموه وبنوا عليه البحث عن طبيعة الإنسان.
فإنهم فرضوا أن الأرض - وهي أحد الكواكب السيارة - قطعة من الشمس مشتقة منها وقد كانت في حال الاشتعال والذوبان ثم أخذت في التبرد من تسلط عوامل البرودة، وكانت تنزل علها أمطار غزيرة وتجري عليها السيول وتتكون فيها البحار ثم حدثت تراكيب مائية وأرضية فحدثت النباتات المائية ثم حدثت بتكامل النبات واشتمالها على جراثيم الحياة السمك، وسائر الحيوان المائي ثم السمك الطائر ذو الحياتين ثم الحيوان البري ثم الإنسان، كل ذلك بتكامل عارض للتركيب الأرضي الموجود في المرتبة السابقة يتحول به التركيب في صورته إلى المرتبة اللاحقة فالنبات ثم الحيوان المائي ثم الحيوان ذو الحياتين ثم الحيوان البري ثم الإنسان على الترتيب هذا.
كل ذلك لما يشاهد من الكمال المنظم في بنيها نظم المراتب الآخذة من النقص إلى الكمال ولما يعطيه التجريب في موارد جزئية التطور.