تأثير البيان الديني في نفوس الناس وتعويده لهم السماحة في ألذ الأشياء وأعزها عندهم، وهي الحياة وما في تلوها، ولولا أن البحث قرآني لأوردنا طرفا من الأمثلة التاريخية فيه.
- 8 - الأجر الأخروي: غاية المجتمع ربما يتوهم المتوهم أن جعل الأجر الأخروي وهو الغرض العام في حياة الانسان الاجتماعية يوجب سقوط الاغراض الحيوية التي تدعو إليه البنية الطبيعية الانسانية وفيه فساد نظام الاجتماع، والانحطاط إلى منحط الرهبانية، وكيف يمكن الانقطاع إلى مقصد من المقاصد مع التحفظ على المقاصد المهمة الأخرى؟ وهل هذا الا تناقض؟
لكنه توهم ساذج في الجهل بالحكمة الإلهية والأسرار التي تكشفت عنها المعارف القرآنية فإن الاسلام يبني تشريعه على أصل التكوين كما مر ذكره مرارا في المباحث السابقة من هذا الكتاب، قال تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطرة الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) (1). وحاصله: أن سلسلة الأسباب الواقعية التكونية تعاضدت على إيجاد النوع الانساني في ذيلها وتوفرت على سوقه نحو الغاية الحيوية التي هيأت له فيجب له أن يبني حياته في ظرف الكدح والاختيار على موافقة الأسباب فيما تريد منه وتسوقه إليه حتى لا تناقضها حياته فيؤديه ذلك إلى الهلاك والشقاء، وهذا (لو تفهمه المتوهم) هو الدين الاسلامي بعينه، ولما كان هناك فوق الأسباب سبب وحيد هو الموجه لها المدبر لأمرها فيما دق وجل وهو الله سبحانه الذي هو السبب التام فوق كل سبب بتمام معنى الكملة