سبحانه هو نفسه الذي اختارهم أنبياء ورؤساء لدول الإيمان، وتبلغوا القرار الإلهي بالذات أو غير مباشر كاختياره تعالى لطالوت ليكون القائد السياسي لبني إسرائيل، فقام نبي بني إسرائيل بإخبار الإسرائيليين بأن الله قد اختار لكم طالوت ملكا، فاحتج الإسرائيليون فزعموا أن طالوت غير جدير بالملك، فبين الله أنه أهل لذلك لأسباب كثيرة منها أن الله زاده بسطة في العلم والجسم ثم إن الفضل بيد الله وهو الأعلم بمن هو جدير بهذا الفضل، وكاختياره تعالى لعلي بن أبي طالب ليكون وليا للأمة بعد وفاة وليها وتبليغه بهذا الاختيار بواسطة محمد على مرأى ومسمع من مئة ألف مسلم في حجة الوداع.
ما هي الغاية من الترشيح الإلهي للقيادة السياسية؟
لأن هدف المحكومين المصفى من الغرض والشهوة هو أن يتولى قيادتهم الأعلم والأفضل والأنسب على وجه الجزم واليقين، وتلك أمور خافية عليهم ويتعذر وفق إمكانياتهم أن يجزموا جميعا بأن هذا أو ذاك هو الأعلم والأفضل والأنسب على وجه الجزم واليقين. فرحمة من الله تعالى بخلقه المؤمنين بين لهم بأن مرادهم هو فلان... إذا كانوا حقيقة صادقين بالبحث عن الأفضل والأعلم والأنسب، لأن القيادة عملية فنية واختصاص وهي في الغالب خلافة لنبوة، ومن مهام النبوة القدوة والتبليغ والبيان وسعة الصدر بالمحكومين، والقول الفصل، بحيث يلتقي فهمه تماما مع المقصود الإلهي من كل قاعدة من قواعد المنظومة الحقوقية الإلهية.... وتلك أمور لا يمكن أن تترك لأهواء الناس المتباينة وأمزجتهم المختلفة.
وهذا الركن هو الفارق العملي الوحيد الذي يميز الأنظمة الوضعية عن النظام السياسي الإسلامي. فالأنظمة الوضعية تترك الأمر لأهواء الناس واجتهاداتهم لاختيار القيادة السياسية الأعلم والأفضل والأنسب على سبيل الفرض والتخمين لا على سبيل الجزم واليقين الذي يتحصل باتباع النمط الإلهي.
الركن الثاني: الصلة العضوية بين العقيدة الإلهية وقيادتها ما أنزل الله كتابا إلا على عبد، ولا خص البشرية بهداية إلا ومعها هاد ولا