نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٠٢
المناخ السياسي الذي نشأت فيه نظرية عدالة كل الصحابة بعد مقتل الفاروق آلت الأمور إلى عثمان بن عفان، وهو بطبعه مولع بحب أقاربه. وبتولية عثمان بدأ بنو أمية ينزون حوله واحدا بعد الآخر، وبدأ هو بتجميعهم حتى أصبحوا رجال الخليفة ومستشاريه، وأصبحت مقاليد الأمور عمليا بيد مروان بن الحكم. حتى أن مروان أمر بقتل محمد بن أبي بكر وطائفة من الصحابة دون أن يستشير الخليفة حتى مجرد استشارة، وختم الأمر بخاتم الخليفة والخليفة لا يدري، وبتعبير علي عليه السلام صار عثمان سيفه بيد مروان يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبته الرسول (1).
وما أدراك ما مروان؟ إنه طليق، ومن المؤلفة قلوبهم، وأبوه الحكم بن العاص كان محرما عليه أن يدخل المدينة في زمن الرسول (ص) وفي زمن أبي بكر وعمر. وعندما تولى عثمان أدخله معززا مكرما وأعطاه مائة ألف درهم. ومما ساعد حزب الطلقاء أيضا على تكوين دولتهم عبد الله بن أبي سرح والي مصر بكل خيراتها.
وما أدراك ما عبد الله بن أبي سرح؟ إنه الذي افترى على الله الكذب، وأباح الرسول دمه حتى ولو تعلق بأستار الكعبة - كما يروي صاحب السيرة الحلبية في باب فتح مكة - وجاء به عثمان يوم الفتح يطلب الأمان له، وسكت الرسول على أمل أن يقتل عبد الله خلال فترة سكوته، ولما لم يقتل أعطاه الأمان. والغرسة التي زرعت في زمن أبي بكر، وهي معاوية، ضربت جذورها في الأرض، فقد ضل واليا على الشام عشرين عاما يجمع كما يشاء عمليا ويعطي كما يشاء.
مروان الطليق، ومعاوية الطليق، و عبد الله بن أبي سرح الطليق، والوليد بن عقبة الطليق أيضا صلى الصبح أربعا ووالي الكوفة، كلهم على مدرسة أبي سفيان حتى أن أبا سفيان حاول أن يخرج عثمان من مدرسته فقال يوما لعثمان: روى الجوهري أنه لما بويع لعثمان قال أبو سفيان: كان الأمر في تيم وأنى لتيم هذا الأمر، ثم صارت لعدي فأبعد وأبعد، ثم رجعت لمنازلها واستقر الأمر قراره فتلقفوها تلقف

(1) راجع تاريخ ابن الأثير وراجع تاريخ الطبري باب مقتل عثمان وراجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 175 وما فوق.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331