الفصل الثالث من هو المختص بتعيين المرجعية قلنا: إن كل عقيدة إلهية على الاطلاق لا بد لها بالضرورة من مرجعية شرعية تتلازم معها وتتكامل. ومن المستحيل أن تكون هنالك عقيدة إلهية بدون مرجعية تتولى بيان هذه العقيدة الإلهية. وهذا المرجع يجب أن يكون بالضرورة هو الأعلم في هذه العقيدة، والأكثر فهما لها، والأكثر إخلاصا لها، وخير الموجودين وأفضلهم وأنسبهم لا على سبيل الافتراض والتخمين، إنما على سبيل الجزم واليقين. وتلك أمور خفية لا يعلمها العلم اليقيني إلا الله العالم بالسر وأخفى. ومن هنا اختص تعالى بتعيين هذه المرجعية واختيارها، تلك حقيقة لا يجادل فيها إلا جاهل.
وهذه الصفات مجتمعة أعلنت العناية الإلهية أنها متوفرة في كل الأنبياء الذين اختارهم الله وحده عبر التاريخ البشري لتبليغ رسالات ربهم. ولم يحفل باعتراضات المعترضين * (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) * * (هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين) * لأن هذه الاعتراضات على الحكم الإلهي تنبع من الافتراض والتخمين، بينما الحكم الإلهي باختيار هؤلاء الأنبياء وتعيينهم مراجع قائم على الجزم واليقين بأنهم الأعلم والأفهم والأكثر إخلاصا، والأخير والأفضل والأنسب لبيان العقيدة الإلهية وقيادة سفينة الإسلام والولاية على الأتباع.
والخلاصة أن الله جلت قدرته هو الذي اختص بتعيين المراجع التي تولت بيان العقائد الإلهية طوال التاريخ لأنه هو وحده الذي يعلم من هو المؤهل لبيان هذه العقائد. ولم يصدف في التاريخ البشري كله أن ترك أمر تعيينهم واختيارهم إلى أهواء الناس أو آرائهم.