حقيقي. وهذا معنى قول مروان: " شاهت الوجوه تريدون أن تسلبوا منا ملكنا ".
قتل عثمان ليس قضية، ومعاقبة القتلة ليس هو المحور، لأن معاوية أصبح الخليفة فيما بعد ولم يعاقب القتلة، القضية هي الملك، قتل الروح المؤمنة ليس بذي قيمة. ألم يصدر مروان بن الحكم أمرا بقتل محمد بن أبي بكر ومن معه من الصحابة بدون جريرة وذنب؟ أليس معاوية هو قاتل الحضرمي الذي كتب فيه ابن زياد أنه على دين علي؟ أليس معاوية هو قاتل عمرو بن الحمق الذي أخلفت العبادة وجهه؟ أليس معاوية هو قاتل حجر بن عدي وأصحابه العابدين المخبتين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ أوليس معاوية هو الذي سلط ابن زياد يوعز فيما بعد بقتل عباد الله ويصلبهم في جذوع النخل. المهم عند معاوية الملك بالدرجة الأولى والانتقام من قاتل جده وخاله وابن خاله وأخيه.
وقد انتهز معاوية فرصة حروب الجمل فأخذ يحرض طلحة والزبير وعائشة ويظاهرهم وكان يعد طلحة والزبير بالبصرة والكوفة بأن يحكم كل واحد منهما إحداها، حتى إذا انتهت الحرب بهزيمة من أثاروها أشعل الحرب بينه وبين علي.... (1).
يقول الأستاذ عباس العقاد في كتابه " معاوية في الميزان ": كانت لمعاوية حيلته التي كررها وأتقنها وبرع فيها واستخدمها مع خصومه في الدولة من المسلمين وغير المسلمين، وكان قوام تلك الحيلة العمل الدائب على التفرقة والتخذيل بين خصومه بإلقاء الشبهات بينهم، وإثارة الإحن فيهم، ومنهم من كان من أهل بيته وذوي قرباه. كان لا يطيق أن يرى رجلين ذوي خط على وفاق، وكان التنافس الفطري بين دوي الأخطار مما يعينه على الايقاع بينهم (2).
ومضى معاوية على هذه الخطة التي لا تتطلب من صاحبها حظا كبيرا من الحيلة والروية. فلو أنه استطاع أن يجعل من كل رجل في دولته حزبا منابذا لغيره من رجال