الفصل الخامس:
بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة ابن عباس يصف الصحابة لمعاوية:
سأل معاوية ابن عباس عن عدة أمور، ثم سأله عن الصحابة فقال ابن عباس:
يا معاوية إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خص نبيه محمدا بصحابة آثروه على الأنفس والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتابه فقال:
* (رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما) * (1).
قاموا بمعالم الدين وناصحوا الاجتهاد للمسلمين، حتى تهذبت طرقه، وقويت أسبابه، وظهرت آلاء الله، واستقر دينه، ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه، ومحا معالمه، وصارت كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى.
فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكية، والأرواح الطاهرة العالية فقد كانوا في الحياة أولياء وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها.