بالنبوة، والنبوة تكفيهم.
هذا الحق حول الطمع برئاسة الدولة إلى كابوس بغيض وإلى آلية مزعجة سلبت الأمة قرارها واستقرارها، وحولتها إلى حقل تجارب لكل الطامعين بالرئاسة، وعطلت نظامها السياسي الشرعي.
أما من أي قبيلة هذا الرئيس؟ ما هو علمه؟ ما هو دينه؟ ما هي سابقته؟ من الذين سيحكمهم؟ تلك أمور ثانوية لا قيمة لها من الناحية العملية ولا يعول عليها لأن الغالب غالب والحصول على رضوان المغلوب فن قائم بذاته.
ما الذي يمنع يزيد بن معاوية وهو المشهور بعهره وفجوره من أن يكون رئيسا للدولة الإسلامية لأنه ابن معاوية الرئيس، ومن الذي يمنع الحسين بن علي بن أبي طالب سيد شباب أهل الجنة في الجنة بالنص وريحانة النبي من هذه الأمة بالنص والإمام الشرعي لهذه الأمة بالنص، فما الذي يمنعه من أن يكون أحد رعايا يزيد وأحد الذين يتأمر عليهم؟ فكلاهما مسلم وكلاهما في الجنة. يزيد القاتل المجرم في الجنة والحسين الإمام المقتول في الجنة فكلاهما صحابة!!! ومن ينقد هذا الرأي فهو زنديق لا يواكل ولا يشارب ولا يصلى عليه.
النتيجة الرابعة: اختلاط الأوراق اختلط الحابل بالنابل والحق بالباطل والخير بالشر والعلقم بالشهد، وأصبح المتأخر كالمتقدم واللاحق كالسابق والمجاهد كالقاعد والقاتل كالمقتول والمحاصر كالمحاصر. ومن وقف مع الإسلام تماما مثل من وقف ضده، ومن قاتل الإسلام تماما كمن قاتل معه. لقد دخل الجميع بدين الله وشاهد النبي أو شاهدوه، فكلهم صحابة وكلهم في الجنة.
وضاع الصادقون وتفرقوا في الأمصار وأصبحوا - على حد تعبير معاوية - كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود، وانهار النظام السياسي الإسلامي وتأخر المتقدمون وتقدم المتأخرون، ولله عاقبة الأمور.