(أو حصيرته) ويلبس جبة الإسلام فإذا هو خليفة، فإن غلب الطليق الذي قاتل الإسلام بكل فنون القتال حتى أحيط به فأسلم رغبة أو رهبة فإنه يتأمر على المهاجر الذي قاتل مع الإسلام كل معاركه. ويصبح ولي الله المخصص شرعا لرئاسة الدولة الإسلامية مجرد مواطن عادي من رعاياه، يتكلم الجاهل، ويسكت العالم، يتقدم المحاصر - بالكسر - ويتأخر المحاصر - بالفتح - كل هذا من أجل إنصاف القبائل الأخرى ومنع الهاشميين من أن يجمعوا مع النبوة الخلافة أو بتعبير أدق من أجل العودة عمليا إلى الصيغة السياسية التي كانت سائدة قبل الإسلام، ولكن بثوبها الجديد. فالصيغة السياسية الجاهلية كانت تقوم على اقتسام مناصب الشرف بحيث تأخذ كل قبيلة نصيبها من هذه المناصب، وبتطبيق المقولة أصبحت القبائل تتداول رئاسة الدولة وبنفس الوقت تتشارك بالشرف والمناصب أثناء عملية التداول، أما الأحكام الإلهية المتعلقة بالنظام السياسي الإسلامي فهي موضوع آخر، فهي لا تستجيب للصيغة السياسية التي وجدت قبل الإسلام في مكة.
ن - النتائج التي ترتبت على تكريس مبدأ عدم جواز جمع الهاشميين للنبوة والخلافة النتيجة الأولى زوال الفوارق نهائيا بين الذين قاتلوا الإسلام بكل فنون القتال حتى أحيط بهم فأسلموا، وبين أولئك الذين قاتلوا مع الإسلام كل معاركه حتى أعز الله دينه ونصر نبيه وأقام دولة الإيمان. فالكل مسلم لا فرق من الناحية السياسية بين هذا أو ذاك فكلهم مسلم وكلهم في الجنة، فالهاشمي الذي حاصرته قريش ثلاث سنين هو تماما مثل أي شخص كان على الشرك واشترك بالحصار، ألم يسلم ذلك الشخص؟ أليس الإسلام يجب ما قبله؟ فلو أن حمزة سيد الشهداء رجع إلى الدنيا فهو تماما كوحشي من الناحية العملية السياسية، فالقاتل كالمقتول تماما، والمهاجر كالطليق، والجاهل كالعالم ولو غلب الجاهل لكان لزاما على العالم أن يطيعه سياسيا، وأن يتبعه وينقاد إليه، بل على العكس، فلو كان هنالك هاشمي عالم كعلي بن أبي طالب، وكان هنالك أنصاري بدرجته أو أقل علما منه فالأنصاري العالم مقدم على الهاشمي. أنظر