الكرة. وقال لعثمان يوما: بأبي أنت وأمي، أنفق ولا تكن كأبي حجر وتداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة، فوالله ما من جنة ولا نار. وكان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان: اغرب، فقال أبو سفيان: يا بني أههنا أحد؟ فقال الزبير: نعم والله لا كتمتها عليك (1).
وبإيجاز قال مروان بن الحكم عمليا وبحق - كما يروي ابن الأثير في تاريخه الجزء الثالث قبيل مقتل عثمان - شاهت الوجوه تريدون أن تسلبوا منا ملكنا، فقد أصبحت الخلافة في أواخر عهد عثمان ملكا أمويا، فلا تجد مصرا إلا وواليه أموي طليق أو موال لبني أمية. فأي خليفة سيأتي بعد عثمان إما أن يصبح أداة بيد الأمويين أو يدخل ليلا مظلما ويسير على أرض مليئة بالعثرات والألغام.
ونتيجة الفتوحات كثر عدد المسلمين الأحداث والمنتفعين من الدولة كدولة، وقل عدد الصحابة الأجلاء الذين قامت الدولة المحمدية على أكتافهم، وأصبح الصحابة السابقون كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود من حيث العدد، ومن حيث المصائب المتربصة بهم أصبحوا كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية - على حد تعبير الإمام شرف الدين العاملي - وتلك أمور لم تكن خافية على معاوية الذكي، فقال معاوية مهددا قبل قتل عثمان: " ما أنتم في الناس إلا كالشامة السوداء في الثور الأبيض ".
كل الولايات أموية أو موالية لبني أمية، ومعاوية بن أبي سفيان قائد الأحزاب ورضيع هند بنت عتبة أصبح قطب الرحى. فهو والي الشام كلها، ومركز الدائرة، وهو الوصي على بني أمية، ومن أعطى نفسه الحق بالمطالبة بدم عثمان أو إن شئت فقل: رفع شعار المطالبة بدم عثمان ليضمن استمرار الملك الأموي، لأن القضية ليست قضية قتل عثمان، فهذا عمر قتل وسارت الأمور من بعده، إنها قضية الملك الأموي. هذا الملك الذي نشأ عمليا من الناحية الفعلية يوم ولى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان. وتوطد الأمر لمعاوية ولبني أمية وانقلب في آخر عهد عثمان إلى ملك