نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٠٣
الكرة. وقال لعثمان يوما: بأبي أنت وأمي، أنفق ولا تكن كأبي حجر وتداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة، فوالله ما من جنة ولا نار. وكان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان: اغرب، فقال أبو سفيان: يا بني أههنا أحد؟ فقال الزبير: نعم والله لا كتمتها عليك (1).
وبإيجاز قال مروان بن الحكم عمليا وبحق - كما يروي ابن الأثير في تاريخه الجزء الثالث قبيل مقتل عثمان - شاهت الوجوه تريدون أن تسلبوا منا ملكنا، فقد أصبحت الخلافة في أواخر عهد عثمان ملكا أمويا، فلا تجد مصرا إلا وواليه أموي طليق أو موال لبني أمية. فأي خليفة سيأتي بعد عثمان إما أن يصبح أداة بيد الأمويين أو يدخل ليلا مظلما ويسير على أرض مليئة بالعثرات والألغام.
ونتيجة الفتوحات كثر عدد المسلمين الأحداث والمنتفعين من الدولة كدولة، وقل عدد الصحابة الأجلاء الذين قامت الدولة المحمدية على أكتافهم، وأصبح الصحابة السابقون كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود من حيث العدد، ومن حيث المصائب المتربصة بهم أصبحوا كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية - على حد تعبير الإمام شرف الدين العاملي - وتلك أمور لم تكن خافية على معاوية الذكي، فقال معاوية مهددا قبل قتل عثمان: " ما أنتم في الناس إلا كالشامة السوداء في الثور الأبيض ".
كل الولايات أموية أو موالية لبني أمية، ومعاوية بن أبي سفيان قائد الأحزاب ورضيع هند بنت عتبة أصبح قطب الرحى. فهو والي الشام كلها، ومركز الدائرة، وهو الوصي على بني أمية، ومن أعطى نفسه الحق بالمطالبة بدم عثمان أو إن شئت فقل: رفع شعار المطالبة بدم عثمان ليضمن استمرار الملك الأموي، لأن القضية ليست قضية قتل عثمان، فهذا عمر قتل وسارت الأمور من بعده، إنها قضية الملك الأموي. هذا الملك الذي نشأ عمليا من الناحية الفعلية يوم ولى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان. وتوطد الأمر لمعاوية ولبني أمية وانقلب في آخر عهد عثمان إلى ملك

(1) راجع شرح النهج لابن أبي الحديد ج 1 ص 307 و 326 و 327 وكتابنا النظام السياسي في الإسلام.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331