يقول أبو حنيفة: إذا لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه، فإذا اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة الواحدة أخذت بقول من شئت وأدع من شئت (1).
وجاء في " أعلام الموقعين " لابن القيم: إن أصول الأحكام عند الإمام أحمد خمسة: الأول النص، والثاني فتوى الصحابة، فعمل الصحابي على خلاف عموم القرآن دليلا على التخصيص وقول الصحابي بمنزلة عمله (2).
وبالمناسبة نذكر ثانية بأن سنة الرسول (صلى الله عليه وآله) تعني القول والفعل والتقرير. وأنت تلاحظ أن لكل صحابي سنة قول وفعل وتقرير. أنظر إلى قوله " وقول الصحابي بمنزلة عمله ". فقول الصحابي يخصص عموم الكتاب (القرآن) ويقيد مطلقاته، وعمل الصحابي يخصص عموم الكتاب ويقيد مطلقاته. فأنت تلاحظ أن قول الصحابي يعامل كأنه وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - والكارثة أي صحابي بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي -.
فأبو بكر صحابي ومعاوية صحابي ومروان بن الحكم صحابي و عبد الله بن أبي سرح صحابي، والأربعة كما يتصور أهل السنة مراجع ونجوم، وبأي واحد منهم يجوز الاقتداء به والاهتداء.
والخلاصة أن لدى أهل السنة مرجعية جماعية. فكل واحد من الصحابة بلا استثناء مرجع قائم بذاته منزه، ممتنع عليه الكذب، ينطق بالحق المبين لأنه من أهل الجنة. ومن يشك بهؤلاء المراجع جميعا أو بأي واحد منهم فهو زنديق لا ينبغي أن يواكل أو يشارب أو يصلى عليه. وبعد أن انتقل الصحابة كلهم إلى جوار ربهم حل محلهم التابعون، وبانتقال التابعين إلى جوار ربهم حل محلهم العلماء من أهل السنة، والأحزاب التي تكونت عندهم.