الغالب (1).
ألا ترى كيف انتهت الأمور واقعيا بالنظام السياسي الإسلامي. فعلى الأمة أن تبايع الغالب بغض النظر عن دينه وصفاته، وبغض النظر عن موقف الشرع منه، بل أصبحت تلك المقولات جزءا من الشريعة السياسية.
والخلاصة أن الحاكم القائم الغالب هو المرجع في كافة شؤون الأمة عند أهل السنة.
من الذي يقوم مقام الحاكم في المرجعية ما دام الحاكم حيا وغالبا فهو المرجع الأعلى للأمة في كافة شؤونها الدينية والدنيوية. وقبل أن ينتقل هذا الحاكم إلى جوار ربه ولو كان في النزع الأخير يعين للأمة إماما ووليا ومرجعا لها من بعده، وهو أهل لذلك ومخول بذلك. ولم لا؟
فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم في ذلك في حياته، ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل. وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة إذ وقع بعهد أبي بكر لعمر بمحضر من الصحابة فأجازوه وأوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر (2).
ونضيف: إن تولية معاوية ليزيد تمت بمحضر من بقي من الصحابة. فإذا عين الحاكم القائم خليفته ومرجعية الأمة من بعده تقوم الأمة عمليا بمبايعته، ومن يعارض الأمة فهو مفسد في الأرض.
وصلاحيات الخليفة القائم بتعيين من يخلفه صلاحيات مطلقة لا راد لها ومعللة بكونه موضع الثقة على حد تعبير ابن خلدون وأبو بكر على فراش الموت عهد إلى عمر وقال لكاتب عهده عثمان: لو كتبت لك لكنت أهلا لها (3).
ثم ها هو عمر وهو على فراش الموت أيضا يفكر بأمر المسلمين ويقلب الأمر