4 - ظفر الغالب ونجاحه أصبح الغالب - أي غالب وأيا كان - هو الظافر، وهو سيد الموقف، وهو إمام المسلمين ورئيس دولتهم، وهو مرجعهم في كل الأمور الدينية والدنيوية، وهو الحائز لكل وسائل القوة، بيده السيطرة الكاملة على كل موارد الدولة يعطي لمن يشاء ويمنع العطاء عمن يشاء، لا رقيب عليه إلا الله ومقدار دينه، وهو القائد العام لجيوش الإسلام يستعملها لتحقيق الأمنين الخارجي والداخلي ولتطويع الرعية رغبة ورهبة، وهو المسيطر سيطرة تامة على وسائل الإعلام، فلو شاء جعل الأبيض أسود، ولو شاء جعل الأسود أبيض، ويمكنه بسيطرته على وسائل الإعلام أن يجعل القزم عملاقا وأن يحول العملاق إلى قزم، وتحول مؤيدوه إلى واجهة له بيدهم الحل والعقد، ومع الأيام أصبحوا مراجع. فهم يتبنون وجهة نظر الغالب ويستعملون وسائله بالمرجعية، فهم سادات المجتمع، وهم الفراقد المتألقة، وإذا سار معهم أي واحد قادوه إلى نقطة الارتكاز ومحور الهداية - أي عين ما يراه الغالب. وعزف العامة على ذات الوتر واتحدت الأمة على هذه الشاكلة، وكلما مضت سنة ترسخت هذه السنة وتوطدت، وكلما مر عقد ضربت جذورها في الأرض وأصبحت رأيا عاما وقناعة وعقيدة سياسية.
5 - عزل العترة الطاهرة بهذا المناخ نادت العترة الطاهرة بالشرعية، وقالت إن لها حقا وتطالب به، ولكن الناس يحولون بينها وبين حقها الشرعي. كانت معارضة أبي الحسن لأبي بكر معارضة متحضرة وشرعية ومنطقية جدا بشهادة بشير بن سعد أول من بايع أبا بكر حيث قال عندما سمع حجة الإمام: " لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان " (1).
ولكن تبقى السلطة سلطة، وتبقى المعارضة معارضة، ولا يمكن بالفطرة للقائمين على السلطة أو للسلطة بأي مقياس أن تثق سياسيا بالمعارضة ولا أن تسلم للمعارضة مكتسباتها. ولكن لأن فاطمة بنت محمد بجانب الإمام علي، فقد رؤي