إنني أكتب هذا الكلام بعد أن حاولت جهدي أن أهمش التاريخ للتوحد في المسؤولية. لقد أفسدوا علي غير مرة أمري. حتى ذلك الأمر الذي لم نكن نريد به سوى مقاومة ظلم الواقع.
كنت كلما طرحت سؤالا على نفسي، رأيت شيطانا يعتريني ويقول لي: (دع عنك هذا السؤال. فهل أنت أعظم من ملايين المسلمين الذين وجدوا قبلك.
وهل أنت أعلم من هؤلاء الموجودين حتى تحسم في هذه المسألة).
كنت أعلم أن هؤلاء الملايين لم يطرحوا هذا السؤال على أنفسهم بهذه القوة والإلحاح. وكنت أعتقد رغم ذلك أن المسألة لا تحتاج إلى شهادة أزهرية حتى نحسم فيها. إنها مسألة ظلم بواح. عرفه القاصي والداني من العالم. وهل معرفة الظلم تحتاج إلى عقلية أفلاطونية رفيعة.
ثم لماذا تقولون (ملايين المسلمين) أنا أريد أن تقولوا ملايين (من) المسلمين، هم أصحاب مذهب السنة والجماعة. لأن الخطاب الأول إذا قيل بهذا اللفظ فهو ينطوي إذا على مزاجية خاصة. هي مزاجية الالغاء لملايين المسلمين غير أهل السنة والجماعة، وهم من الشيعة الإمامية والزيدية.. في هذا العالم.
قالوا: (لا مع ذلك فأنت صغير، ولا يجوز على أي حال شق الصف، ومخالفة الجماعة، لأن الرسول صلى الله عليه وآله يقول:
(يد الله مع الجماعة)! وإن أمتي لا تجتمع على ضلالة).
وعلى كل حال، فلم تكن هذه الاعتراضات الوسواسية بالتي تردني عن اندفاعي إلى كشف الحجاب عن الحقيقة المخبوءة. لكن شيئا حز في نفسي وهو هذه الكثرة الغالبة. لقد كبرت في عيني. وصعب علي مخالفتها. لولا أن هداني الله. بيد أن شيئا واحدا جعلني أنتصر عليها ولا أبالي. وهي عندما وجدتها جاهلة. واستحضرت (جديتي) التي ورثتها من فكر (الهجرة والتكفير) فهذا الأخير على علاته، علمني كيف أخالف المجتمع الجاهلي. فهذا احتياط جليل مكنني من الصمود أمام الأمواج البشرية المتدفقة. والتي ليس لها منطق في عالم الحقائق سوى كثرتها.