لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٥٩
من التاريخ ليغذي نزعة التجهيل والتمويه. إنه كان يكرس هذه النظرة لدى الأفراد. ولا يصحح مغالطاتهم. وفجأة وجدت نفسي مخدوعا. لماذا هؤلاء لا يكشفون الحقائق للناس، كما هي في الواقع؟ لماذا يتعمدون إبقاءنا على وعينا السخيف، تجاه أكبر وأخطر مسألة وجدت في تاريخ المسلمين؟ ثم لماذا لا يتأثرون بفاجعة الطف العظمى، تلك التي ماجت في دمي الحار بالأنصاف. والتوق إلى العدالة. فتدفقت بالحسرة والرفض والمطالبة بالحق الضائع في منعطفات التاريخ الإسلامي.
وطبعي الذي لا أنكره، ولن أنكره، إنني لا أحب الخادعين والجاهلين، ثم وإني لناقم على هؤلاء، وأرافعهم إلى الله والتاريخ!.
كنت في تلك الفترة صاحب بساطة عقائدية كباقي الناس. وببساطتي هذه كنت أبدو أوعاهم عقيدة. وكنت ذا ثقافة أحادية، هي ثقافة أهل السنة والجماعة. فالجو الذي أحاط بي، هو جو الصحوة البتراء النائمة، التي انحرفت بوعيي إلى مواقع تافهة. وفجأة وجدتني ملتزما بخط لا أعرف له أساسا تاريخيا.
وصرت واحدا من (الإخوان) المناضلين الذين ضاقوا بظلم الواقع، وأرادوا أن يعيدوا سيناريو العذاب الذي جرت وقائعها في السجن الحربي (وليمان طرة) في مصر. كانت خيالاتي قليلة الخصوبة لا تتجاوز (المذابح) و (لماذا أعدموني) كنت أهوى التمثيل والمسرح، لذلك انطلقت كالسهم إلى مغامرات سخيفة!.
في تلك اللحظة، غمرتني أدبيات الحركة الإسلامية. وأخذت مني مأخذها وتملكني فكر (المحنة) لدى سيد قطب، بكلماته المشعة أدبا، والتي حملت في أحشائها تلك الظلال الوارفة بيانا وبديعا. فأبيت إلا أن أغزو الظلم قبل أن يغزوني. ولعلي تعثرت كثيرا بسبب الأدبيات التي عبثت بوعيي الصغير يومئذ.
ولا أنكر. أنني كنت من أنصار (الهجرة والتكفير) وإنني ما أزال أحفظ عن ظهر قلب تراتيل الفريضة الغائبة!.
وفي لحظة من عمري ذهبية. طرحت على نفسي سؤالا:
(ترى، ما هو هذا الظلم الذي ما زلت كل حياتي أشكتي منه وأفرض ما
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 55 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405