الانتقال الاعتقادي، لا بد لي إذا، من محفز روحي يشجعني على هذا الانتقال.
لا بد من شمة رحمانية، تكشف لي الغطاء عن الاختيار الرشيد.
كانت ليلة غنية بطلب الرحمان، والإلحاح عليه، لكشف هذه الغمة عني.
فلقد أوصلني عقلي إلى هذه النقطة، ولم يبق لي إلا التوسل بالخالق الجليل. في تلك الليلة، رأيت رؤية، أودعت في قلبي طمأنينة رائعة. رأيت أني قصدت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت عائشة هي من فتح علي الباب، وسألتها عن الرسول صلى الله عليه وآله فأشارت إلى أنه هناك في الغرفة. دخلت عليه صلى الله عليه وآله وهو ملقى على فراشه يتأمل السماء. اقتربت منه وإذا به ينتبه إلي، فأخذ مكانه جالسا.
وسلمت عليه، وعيني من الرهب دامعة. وكان الطعام الذي وضعه إلى صلى الله عليه وآله من جنس طعام العرب، لكنه خال من اللحم. كنت منشغلا بطرح السؤال، فأخشى أن تفوتني هذه الفرصة. فسألته عن الشيعة (4) ومآسيهم وأن هذا حتما يؤلمه. فطأطأ رأسه وقال لي: نعم يا بني، نعم.
ثم دعاني إلى الطعام.. فأكلت والدموع لما تجف من عيني.
إن الأمة التي قتلت الحسين (ع) وسبت أهله الطاهرين. لا يمكنني الثقة بها مطلقا. ولا يمكنني أن أؤول هذه الأحداث لصالح الفكر الفاسد. مثلما لا أستطيع تأويل الدم الطاهر بالماء الطبيعي. إن هذه الدماء التي سالت، ليست مياه نهرية. إنما هي دماء أشرف من أوصى بهم النبي صلى الله عليه وآله في هذه الأمة، أفقدتني الأمة الثقة في نفسها. ومهما قالوا فإنهم لن يقنعوني بأن دم الحسين (ع) لم يرق بيد مسلمين حكموا الأمة الإسلامية. وكان تعامل أئمة السنة والجماعة معهم تعاملا حسنا!.
الأمة التي لم ترع أبناء الرسول صلى الله عليه وآله بعده، لا يمكن أن ترع سنة بعده. قل ما شئت. قل إن المسلمين في العهد الأول، اجتهدوا في قتل آل البيت (ع)